لا يشبه قضاء المتن الشمالي غيره من الأقضية، سواء من خلال نظرة الرابية إليه واهتمامها الفائق بتفاصيله، أو من خلال عدد الملتزمين الحزبيين فيه. وعند كل «عرس» استحقاق جدّي، يكون للمتن القرص الأكبر من المشاركة والقدرة على تغيير النتائج في ليلة وضحاها. لذلك، غالباً ما تظهر الصراعات على هذا القضاء قبيل كل حدث مثل الانتخابات البلدية أو النيابية أو الحزبية. أمس، لم يفارق المتن قائمة أولويات العماد ميشال عون عندما دعا الى التظاهر، إذ يفترض بالثقل الشعبي الكبير أن يكون من بلداته التي بدأت منذ نحو أربعة أيام التعبئة تحسباً لأي نشاط مفاجئ، وهي مهمة يتحمل الجزء الأكبر من مسؤوليتها منسّق هيئة القضاء هشام كنج.

بدأ كنج مشواره العوني كأي طالب جامعي عاصر أيام قمع التيار وشارك في التظاهرات الى جانب زملائه. عقب عودة عون الى لبنان، عيّن منسّقاً في بلدته جلّ الديب حيث كان على علاقة جيّدة بالعونيين هناك. سريعاً، انتقل من منسّقية جلّ الديب الى عضوية المجلس البلدي، فترؤس منسقية القضاء بكامله عام 2010، لأسباب عدة، منها صلاته القوية مع كثير من المتنيين وطبعه الهادئ وعدم إقحام نفسه في خلافات شخصية تضعف منصبه ووظيفته، والتزامه غالباً بخيار الحياد على الصدام، علماً بأنه ينتمي الى بلدة تتمايز عن باقي بلدات الساحل بطابعها «الليبرالي»، حتى في تركيبة مجلسها البلدي.
تسلم كنج منصبه في وقت كان فيه التيار يعاني من انقسامات حادة داخلية جراء الانتخابات البلدية، وتمكن بمساعدة أعضاء الهيئة من تجاوز رواسب الانتخابات وإجراء مصالحة عامة وشاملة في مختلف البلدات المتنية. ولأن قضاء المتن يغلي بخلافات نواب التيار ومرشحيه ومسؤوليه، يعدّ الانجاز الأهمّ في رصيد كنج قدرته على إبقاء فريقه متناغماً وموحّداً وبعيداً عن كل التأثيرات السلبية، الأمر الذي ضاعف دور الهيئة وفعاليتها على كل المستويات، خصوصاً دور كل عضو فيها في بلدته الخاصة. لا يعني ذلك أن «منسق الهيئة من دون لون ويخاف اتخاذ قرارات جريئة، بل هو نمرود وله استراتيجيته الخاصة في العمل الحزبي ومع القاعدة، كذلك فإن خياراته واضحة ومعلنة»، يقول أحد أصدقائه المقربين.
أمس، نزل المتن الشمالي بقضّه وقضيضه الى ساحة الشهداء تلبية لنداء عون. وكان كنج قد بدأ منذ ليل أول من أمس اجتماعاته مع منسقي البلدات لضمان حشد أكبر عدد ممكن من المشاركين. وقد شكل المتظاهرون المتنيون مرة أخرى ثقلاً في التظاهرة العونية، حيث شغلوا مساحات واسعة من أوتوستراد نهر الموت، ليؤكدوا مجدداً أن «المتن هو مركز الثقل العوني الرئيسي في معادلة التيار الوطني الحر».