من دون الحاجة إلى العودة إلى «مجموعة دعم سوريا»، أو أي قوى أخرى، وضعت واشنطن وموسكو اللمسات الأخيرة على اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا يبدأ يوم السبت المقبل. الاتفاق/ الاختبار في حال نجاحه يؤكد سطوة القوتين العالميتين على جميع أطراف الصراع، وإن كانت الولايات المتحدة في موقع أصعب لناحية فرض الاتفاق على جميع الرعاة الاقليميين للجماعات المسلحة، في وقت يتكبدون فيه خسائر فادحة في غير جبهة قتال. كذلك فإنّ لوجود «جبهة النصرة»، المصنفة إرهابية، في مناطق سيطرة مشتركة مع «المعتدلين»، ثُغر قد يستفيد منها طرفا النزاع لإفشال الاتفاق الروسي ــ الأميركي.
أنقرة: عملية برية تركية ــ سعودية «ليست على جدول الأعمال»

وبعد 3 مكالمات هاتفية، أول من أمس، بين وزيري الخارجية الروسي والأميركي، أعلن الطرفان أمس بدء سريان «وقف العمليات القتالية»، لا يشمل تنظيم «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة ــ تنظيم القاعدة في بلاد الشام» وغيرهما من المجموعات التي تعتبرها الأمم المتحدة إرهابية.
وأفاد بيان مشترك أصدرته وزارة الخارجية الأميركية بأن الأطراف المشاركة في القتال ستعلن ما إذا كانت ستوافق على وقف الاقتتال في موعد أقصاه الساعة 12 (بتوقيت دمشق) يوم الجمعة، على أن يبدأ العمل بوقف العمليات القتالية عند منتصف الليل. وبموجب شروط الاتفاقية، فإن الحكومة السورية والقوات الحليفة لها ستوقف الهجمات على الفصائل المسلحة المعارضة بأي أسلحة تستخدمها، سواء كانت الصواريخ أو قذائف مورتر أو الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.
وجاء في البيان المشترك «الأعمال العسكرية التي تشمل غارات القوات المسلحة للجمهورية العربية السورية والقوات المسلحة الروسية والتحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بقيادة الولايات المتحدة ستستمر على التنظيم وجبهة النصرة وغيرها من المجموعات التي يصنفها مجلس الأمن الدولي بأنها إرهابية».
وأضاف البيان أن روسيا والولايات المتحدة وغيرهما سيعملون معاً على ترسيم حدود المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرهما من المجموعات المصنّفة إرهابية.
وأعلن البيت الابيض، أمس، أن الرئيس الاميركي باراك أوباما تحادث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن اتفاق وقف إطلاق النار. وفي هذا الاتصال ــ بمبادرة من بوتين كما أوضحت واشنطن ــ شدد أوباما على ضرورة احترام الاتفاق من قبل كافة الاطراف من أجل «تخفيف معاناة الشعب السوري» و«التركيز» على محاربة تنظيم «الدولة الاسلامية».
بدوره، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا «ستفعل كل ما يلزم مع السلطات السورية الشرعية» لكي تتقيّد سوريا باتفاق وقف إطلاق النار ابتداءً من السابع والعشرين من شباط الحالي، وهي تأمل أن «تفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه مع حلفائها والمجموعات التي تدعمها».
من جهته، أعلن منسّق «هيئة مؤتمر الرياض» للمعارضة السورية، رياض حجاب، الموافقة الأولية على التوصل إلى هدنة مؤقتة، بشرط أن يتم ذلك وفق وساطة دولية. وطالب بتوفير ضمانات أممية لوقف القتال، وفكّ الحصار عن مختلف المناطق، وتأمين وصول المساعدات للمحاصرين، وإطلاق سراح المعتقلين.
في المقابل، رأى «رئيس المكتب السياسي لجيش اليرموك» («جيش حر»)، بشار الزعبي، أنّ «الخطة الأميركية الروسية معيبة، لأنها ستسمح للحكومة وحلفائها باستهداف قوات المعارضة بحجة مهاجمة جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة».
وأضاف «روسيا والنظام سيستهدفون مناطق الثوار بحجة وجود جبهة النصرة، وأنت تعرف التداخل الموجود، وهذا سيسقط الهدنة».
إلى ذلك، رحّب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، معتبراً أنّه «بارقة أمل» لحل النزاع السوري.
من جهته، أشاد وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني بالاتفاق، وكشف خلال زيارته لأنقرة أمس أن سلسلة من اختبارات الجدية والإمكانية ستجري قبل «الساعة 12 من يوم الجمعة 26 فبراير»، الأمر الذي من شأنه أن يسمح بإعلان وقف إطلاق النار.
وأكد أن تركيا والسعودية لن تتوغلا في سوريا، موضحاً أنّ «تركيا والسعودية لا تنويان التدخل في سوريا إلا في حال كان هذا التدخل في سياق قرارات قد يتخذها التحالف الدولي». وشدد على أن «التحالف ومجموعة دعم سوريا يراهنان في الوقت الراهن على الحل الدبلوماسي».
من جانبه، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أنّ إمكانية شن عملية برية تركية ــ سعودية في سوريا «ليست على جدول الأعمال»، مشدداً على أن أي حركة من هذا القبيل يجب أن تكون جماعية.
وأوضح أنّ «كافة الدول المشاركة في التحالف المناهض لتنظيم داعش يجب أن تشارك بشكل أو بآخر في العملية البرية المحتملة» في سوريا.
وأضاف أن «المعارضة السورية التي سبق أن وافقت على دراسة إمكانية قبول الهدنة المؤقتة، ستجتمع في الرياض الثلاثاء (اليوم) لبحث الموضوع».
وكانت كل من موسكو وواشنطن قد أعلنتا، أول من أمس، أنّ وزيري خارجية البلدين «أجريا 3 مكالمات هاتفية خلال يوم واحد، وتمكّنا من تنسيق تفاصيل اتفاق الهدنة».