اعتكاف الرئيس سعد الحريري لم يعد «يطعمي» تيّار المستقبل خبزاً. بعد الزيارة الأخيرة لرئيسهم إلى بيروت في شباط الماضي، استجمع «الحريريون» قواهم الخائرة وقرّروا خلع قفازاتهم والتدخّل في الملفّات «السنيّة»، متخلّين عن الهدوء الذي طغى على عملهم السياسي العام الماضي، وعن انقساماتهم بعدما كان الحريري واضحاً بطلبه إنهاء الخلافات بين الأمين العام للتيّار أحمد الحريري ورئيس جمعيّة «بيروت للتنمية الاجتماعيّة» أحمد هاشميّة، خصوصاً أنّها ضيّعت «الزرق» وجعلت منهم أجنحة متصارعة على «المكشوف».هذا كلّه، يبدو وكأنّه صار من الماضي. بات «الأحمدان» يُنسقّان «في الشاردة والواردة»، بعدما اتّخذ «المستقبل» قراره الدّخول «حتّى النخاع» في الاستحقاقات البيروتيّة و«السنيّة». وفي ظل إبعاده عن القضايا السياسيّة الكُبرى، قرر التفرّغ لخوض معاركٍ «وجوديّة» تحت شعار «أكون أو لا أكون»، رغم أنها قد لا تبدو للبعض أكثر من «زواريب». ترتيب البيت الداخلي لـ«المستقبل» ممر إلزامي للاستحقاقات السنيّة التي تأتي تباعاً من انتخابات «اتحاد العائلات البيروتية» في 9 حزيران المقبل، إلى انتخابات «المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى» في تشرين الأوّل المقبل، وصولاً إلى استعادة شيء من «المجد السياسي» في الانتخابات البلديّة المقبلة.
هذه الملفّات وُضِعت على طاولة «المستقبليين»، والفوز في الاستحقاقات الثلاثة هدف يُراد «تسييله» رسالةً سياسيّة لمن يعنيهم الأمر بأن «القرار السني» ما زال في جيب الحريري، وأن الزعامة باقية في «بيت الوسط»، ولو ابتعد صاحبه قسراً.
لذلك كله، يخوض «المستقبل» معركة «اتحاد العائلات» بشراسة. المحسوبون عليه لم ينتظروا التحالفات ولا قبلوا بـ«أنصاف الحلول» واسمٍ توافقي يُرضي جميع الأطراف، بل فرضوا محي الدين كشلي مرشحاً أوفر حظاً لرئاسة «الاتحاد»، بعدما أقنعوا به ألد خصومهم، رؤساء «الاتحاد» السابقين. بالتالي، ضرب «الحريريون» الرئيس فؤاد السنيورة في مقتل، ونجحوا في تأليب رؤساء «الاتحاد» ضدّه، بعدما اصطفّ معظم هؤلاء خلفه في الانتخابات النيابيّة الأخيرة.
التفاف رؤساء الاتحاد السابقين حول مرشح المستقبل للرئاسة أصاب السنيورة في مقتل


وبحسب المعلومات المتوافرة، فإنّ الرؤساء الخمسة، فوزي زيدان ومحمّد خالد سنو ورياض الحلبي ومحمّد أمين عيتاني ومحمد عفيف يمّوت، قرروا في لقاء قبل يومين الالتفاف حول لائحة واحدة، هي على الأرجح لائحة كشلي، فيما لم تتوافر معطيات حول حصتهم في اللائحة، خصوصاً أنّ هذا يعني حسماً للنتيجة لمصلحة مرشّح «المستقبل» قبل إقفال الصناديق. فيما «يحفظ» المحسوبون على «التيّار الأزرق» حصّة النائب فؤاد مخزومي، ولو أنّ الأخير يؤكد أنّه لا يتدخّل، فيما ممثّله في «الاتحاد» يحضر بعض الاجتماعات من دون أن يعلن خياراته.
ورغم ترجيح حظوظ «المستقبل» في المعركة التي يريد منها إثبات أنه لا يزال صاحب الكلمة الأولى، لم يقطع كوادره «شعرة معاوية» مع «اللقاء التشاوري»، ويُعالجون النقمة على كشلي بحكمة. ويُردّد كثيرون أنّ المنسّق العام المركزي للإدارات المحلية والجمعيات الأهلية في هيئة الرئاسة في «المستقبل» جلال كبريت يُولي هذا الأمر متابعة يومية، فيتّصل بالمُعارضين ويُناقش معهم تفاصيل اعتراضهم لاحتواء نقمتهم، ويتردد أنه نجح في إعادة «لمّ» الكثيرين منهم.
أمّا «اللقاء التشاوري»، فقد «نفض الغبار» عنه بعدما اجتمع ممثلون عن 25 عائلة أول من أمس لتفعيل الترشيحات التي يتردد أنها قد تصل إلى 12 مرشّحاً قبل إقفال باب الترشيحات الاثنين المقبل. كما يتردّد أنّ قنوات «اللقاء» مفتوحة مع مخزومي ومع نائب رئيس «الاتحاد» الحالي عبدالله شاهين لترشيحه للرئاسة، وإن كان البعض يُشير إلى أنّ الأخير قد ينسحب في حال كانت الأجواء تشي بالاتفاق حول كشلي.