بغداد | يشهد «الإطار التنسيقي» في العراق حالياً حالة من التفكّك غير المعلَن، نتيجة خلافات بين زعيم «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، والأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، من جهة، ورئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، وقيادات تابعة لـ«الإطار»، من جهة أخرى، بحسب ما تكشف مصادر سياسية عراقية. وتؤكد المصادر، لـ«الأخبار»، أن القوى الشيعية لم تختلف عن تلك السنّية كثيراً في مسألة الصراع على الزعامة، بعدما لمع نجم السوداني خلال فترة تسلّمه منصب رئيس مجلس الوزراء، موضحةً أن الخلافات تشمل زعيم تحالف «الفتح»، هادي العامري، والمالكي، وزعيم «ائتلاف النصر»، حيدر العبادي، ورئيس «تيّار الحكمة»، عمار الحكيم. وتبيّن أن «ائتلاف دولة القانون يشهد مشاكل داخلية بشأن رغبة بعض أعضائه، ومنهم النائب محمد الصيهود، بالترشّح مع تيّار الفراتين الذي يرأسه السوداني»، فيما تعتزم قوى شيعية أخرى تأسيس تحالفات انتخابية جديدة.ويسعى «التنسيقي»، منذ تشكيل حكومة السوداني، للظهور بمظهر المتماسك، عكس ما يسوده من تفكّك إزاء بعض المواقف والقرارات الحاسمة، وأبرزها إقرار الموازنة المالية الاتحادية، واستحقاق انتخابات المجالس المحلّية المقرّرة في تشرين الثاني المقبل. وتفيد المصادر بأن «قوى الإطار بمعظمها رفضت المشاركة في الانتخابات بقوائم مشتركة، وفضّلت التنافس بصيغة منفردة، ما أثار الجدل بين زعاماته، وخاصة العامري والمالكي والعبادي». وفي هذا السياق، يَعتبر قيادي في «التنسيقي»، تحدّث إلى «الأخبار» شريطة عدم ذكر اسمه، أن «الخلافات الحالية داخل الإطار انتخابية، فخطوط التوافقات التي رسمتها قوى الإطار منذ التأسيس، باقية، لكن كلّ كتلة تريد أن تخوض الانتخابات وحدها». وحول إمكانية نشوء تحالف انتخابي مشترك لجميع قوى «التنسيقي»، يشير إلى أن «هذه الفكرة طُرحت في الاجتماع الأخير في بيت الحكيم بحضور السوداني، لكنّ بعض القيادات رفضت، وأبرزها العبادي والحكيم». ويعترف المصدر بأن «الإطار منقسم على نفسه، لكنه داعم للسوداني بكلّ أحواله وظروفه، ولم تكن هناك تحرّكات لإحراجه مع أصدقائه ولا حتى خصومه. وبالعكس، هناك تجاوب بين رئيس الحكومة وقيادات الإطار جميعها»، مستدركاً بأن «السوداني لديه النيّة لإشراك تيّاره في الانتخابات، بعيداً عن الإطار التنسيقي، وهذا الشيء معلوم منذ فترة طويلة، وأيضاً لديه طموح إلى خوض الانتخابات التشريعية».
من جهته، يؤكد النائب عن «الإطار التنسيقي»، كاظم الطوكي، أن «الخلافات داخل الإطار متقدّمة، وخاصة في مسألة انتخابات مجالس المحافظات»، لافتاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «هناك من يريد النزول بقوائم منفصلة مثل العامري، فيما الحكيم والعبادي ربّما يتحالفان في ما بينهما ويكونان في قائمة واحدة في الانتخابات المقبلة». ولا يستبعد الطوكي أن «يصيب الإطار التفكّك مستقبلاً، خاصة أن بعض القيادات ترغب في التحالف مع كتل داخله دون أخرى»، مضيفاً أن «بعض الشخصيات الإطارية تريد أن تقدّم نفسها مع تيار الفراتين الذي يتزعّمه السوداني». ويرى الطوكي أن «القانون الانتخابي الجديد (سانت ليغو) هو الذي يُرغم بعض القوى على البحث عن تحالفات حتى تحصل على الفوز، عكس ما كان يحصل سابقاً. وبهذا بدأ الصراع بين قوى الإطار، خاصة داخل تحالف الفتح»، مضيفاً أن «الصراع الحالي يتمثّل في تحرّك بعض الكتل للتحالف مع تيّار الفراتين، كون السوداني أصبح لديه جمهور ومقبولية في الشارع العراقي». ويعتبر أن «السوداني يرتكب خطأ استراتيجياً في حال زجّ بتيّاره في الانتخابات المقبلة، باعتبار أنه رئيس الوزراء، فكلّ عمل أو إنجاز سيُعتبر دعاية انتخابية لكتلته»، متابعاً أن «التنسيقي يرفض هذا السيناريو سواء أُعلن أو لم يعلن».
يَبرز احتمال انشقاق النائب محمد الصيهود عن المالكي وانضمامه إلى السوداني


في المقابل، يعتقد النائب عن «تحالف الفتح»، فالح الخزعلي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «القوى السياسية لم تحدّد خياراتها بعد»، ولذا، فإن التحالفات لم تتبلور بصورتها النهائية، معتبراً أن «الانتخابات أهمّيتها هي في إبراز وجوه جديدة لإدارة المحافظات». وينفي الخزعلي «وجود انشقاقات داخل الإطار، أو نيّة إنشاء تحالف جديد»، مضيفاً أن «هناك استقراراً ودعماً للسوداني في الموازنة والمشاريع المتوقّفة والجديدة». لكن رئيس «المركز الإقليمي للدراسات»، علي الصاحب، يرى أن «طبول الحرب السياسية قد دُقّت وبقوة هذه المرّة، والأمر يعود إلى الاختلاف الدائر بين أركان التنسيقي، والذي يعدّ رسالة غير مطَمئنة لحلفائه داخل تحالف إدارة الدولة من الكرد والسنة، والذين يعيشون نفس المشكلة وربمّا أكثر». ويضيف أن «موقف السوداني من انقسام الإطار لا يُطمئن، لأن الرجل يريد مساحة أكبر يتحرّك من خلالها تجاه بعض الملفّات الساخنة والقوية، في حين يسعى الإطار بقياداته لإبقاء النار تحت الرماد وعدم كشف كلّ ملفّات الفساد». ويعتبر الصاحب، في حديث إلى «الأخبار»، أن «ما قد يسبّب الصدمة للإطار هو التقاء خطّ السوداني مع التيار الصدري ليؤسّسا أقوى تحالف شيعي، يمكن أن يحصل عندها على تصويت كبير لأنه يضمّ كتلة كبيرة ولديها جمهور عقائدي».
وتداولت بعض مراكز الأبحاث والدراسات السياسية المحلّية، أخيراً، أخباراً عن أن «هناك اتفاقاً بين السوداني وزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وشخصيات أخرى، لدراسة مشروع سياسي جديد مع قرب الانتخابات التشريعية، بمعزل عن «الإطار التنسيقي».