من جهتها، قطعت «هيئة كبار العلماء» في السعودية الطريق على طرح المغامسي، في مسعًى لمنع الجدل حوله من الخروج عن السيطرة، معتبرةً، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أن «هذه الدعوة تفتقد الموضوعية والواقعية، وأن الفقه الإسلامي بمذاهبه الفقهية يستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة، ويوفّق بين حاجاتها والشريعة الإسلامية»، إلّا أن مجرّد الطرح أعاد تحريك نقاش قائم في المملكة، على خلفية التغييرات التي طاولت المؤسسة الدينية، سواء بإلغاء «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» واستبدال «هيئة الترفيه» بها، أو بالاعتقالات وعمليات الإبعاد عن الخطابة والوعظ، والتي طاولت معظم الدعاة البارزين والمؤثّرين، وكتمت عملياً كلّ الأصوات التي يمكن أن تنتقد التغييرات الحاصلة، وفي المقابل أتاحت خروج أصوات تؤيّد ما طرحه المغامسي، مسايرةً لتلك التغييرات، ليصف البعض الرجل بأنه «مجتهد ولكلّ مجتهد نصيب».
دعا صالح المغامسي إلى إنشاء مذهب فقهي إسلامي جديد
وفي إطار ذلك الأخذ والردّ، هبّ معارضو ابن سلمان الإسلاميون ممّن هم خارج المملكة إلى شنّ حملة على المغامسي، متّهِمين إيّاه بـ«الميل إلى التصوّف والتشيّع»، وبأنه «سطحي الثقافة الشرعية»، ويحلم بأن يكون «شعراويّ السعودية»، تيمّناً برجل الدين المصري الواسع الشعبية، محمد متولّي الشعراوي، الذي يُشتهر باستخدام اللغة الشعبية البسيطة في تفسير القرآن، إذ يقول المعارض فهد الغفيلي إن المغامسي يعتمد أسلوب «التبكبك، وهذا أسلوب الشيعة، لكسب عوام الناس»، فيما ربط آخرون بين ما يجري وبين تغييب الدعاة البارزين، فتحدّثوا عن الحاجة إلى أمثال الداعية السجين، عوض القرني، للردّ على المغامسي كما كان يفعل مع «الرويبضة»، التي تعني باللغة الفقهية «التافهين الذين يتكلّمون في أمور العامة»، وتخوَّف قسم ثالث من إزالة الكثير ممّا وصفوه بـ «الحديث الصحيح» خلال العقد المقبل.
وإلى جانب ما تَقدّم، اعتبر معارضون أن المغامسي لا يملك ثقافة شرعية عميقة، ونقلوا عنه قوله بنفسه إنه «لم يكن متفوّقاً دراسياً، ولم يحصل على تقدير امتياز خلال دراساته، ولم يحصل على الماجستير أو الدكتوراه»، فيما سخر آخرون من أن يأتي مِثله لاستحداث مذهب فقهي خامس، بعد 1200 عام من موت أحمد بن حنبل، صاحب آخر المذاهب الأربعة الفقهية المعروفة. لكنّ الأكثر إثارة كان اتّهامه بأنه مدعوم من «دويلة عربية كثُرت فيها البدع وعبادة الأبقار والكنائس والمعابد لغير الله»، في إشارة إلى الإمارات التي تشهد علاقتها بالسعودية توتّراً في هذه الأيام، حول ملفّات كثيرة، يظلّ أهمّها محاولة ابن سلمان انتزاع دور المركز المالي والتجاري الذي تلعبه الدولة، وهو ما يقع في صلب أسباب التغييرات الجارية في المملكة.