الانسداد السياسي في كل المجالات، جعل التوترات تطفو على السطح. ومع رفض قوى أساسية أي حوار حقيقي حول ملف الانتخابات الرئاسية، يختم المجلس النيابي هذا العام بجلسة مكررة غداً، وسط توقعات بارتفاع عدد الغائبين عن الجلسة التي كان الرئيس نبيه بري يريد تحويلها إلى حوار أولي حول الرئاسة. لكن تبين أن لا جاهزية لدى القوى المسيحية البارزة لمثل هذه الخطوة.إلا أن ملامح التوتر لا تقف عند هذا الحد. إذ يبدو أن الرئيس نجيب ميقاتي، ومعه حلفاء له، «استطابوا» التوتر بين التيار الوطني الحر وحزب الله على خلفية انعقاد جلسة الحكومة الأسبوع الماضي. فقد كشفت معلومات لـ «الأخبار» عن وجود نية لدى رئيس الحكومة لعقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء، يضع على جدول أعمالها بنوداً كثيرة ويبحث عن بند يعطيه صفة العجلة أو الاضطرار.
في وقتٍ تردّدت معلومات عن اتجاه ميقاتي إلى جمع الوزراء مرّة جديدة حول طاولة السرايا للتشاور والتفاهم على الخطوات الواجب القيام بها في المرحلة المقبلة، حملت الساعات الماضية «معطيات» زادَت الغموض حول نوايا ميقاتي. إذ قالت أوساط سياسية أنه يبيّت رغبة في الدعوة إلى جلسة ثانية قريبة، علماً أنه في الزيارة التي قامَ بها إلى بكركي أول من أمس سعى جاهداً إلى نفي التهم عن نفسه شارحاً الأسباب الموجبة التي دفعته إلى عقد جلسة المرة الماضية، لكن هذا التأكيد لا «يُلزِم ميقاتي بأي شي، وهو قد يذهب إلى الدعوة بحجج جديدة».
وحتى يوم أمس، لم يكُن من الممكن التأكد من صحة هذه المعطيات، بخاصة أن ميقاتي الذي تواصل مع حزب الله بعدَ عودته من المملكة العربية السعودية تحدث عن «عدم وجود نية لعقد جلسة جديدة للحكومة»، كما قالت مصادر مطلعة، لكن المخاوف من إقدامه على خطوة مماثلة دفعت الحزب إلى إبلاغه رفض عقد أي جلسة جديدة. وقالت المصادر إن «الحزب ليس وحده من سيعترض هذه المرة، بل إن رئيس مجلس النواب ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط لن يكونا متحمسين لجلسة كهذه، بسبب الجو الطائفي المتوتر في البلد، خصوصاً أن التبعات الثقيلة لاجتماع الحكومة الأخير لم تنسحب فقط على علاقة التيار الوطني الحر وحزب الله، بل كان لها وقع طائفي خطير صوّر الانقسام على أنه مسيحي - إسلامي في البلد».
بري وجنبلاط لن يكونا متحمسين لعقد جلسة للحكومة بسبب الجو الطائفي الذي خلّفته الجلسة السابقة


وليست أحوال مجلس النواب أفضل من الحكومة، فقد اضطر الرئيس نبيه بري أمس إلى التراجع عن دعوته إلى الحوار للبحث في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مثبتاً يوم غدٍ موعداً لجلسة انتخاب بعد رفض تكتليّ «لبنان القوي» و«الجمهورية القوية» المشاركة. إذ أصدرت الدائرة الإعلامية في حزب القوات بياناً دعت فيه بري إلى «سحب دعوته إلى الحوار، والعودة إلى نصوص دستورنا الواضحة من خلال دعوة المجلس إلى عقد جلسات مفتوحة لا تنتهي إلا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يعيد للشعب أمله بوطنه وللسلطات الدستورية انتظامها». وقد صارَ محسوماً أن لا يختلف مصير الجلسة المقبلة عن سابقتها لا من حيث الشكل أو المضمون أو أسماء المرشحين والأوراق البيضاء، علماً أن بعض الأوساط السياسية تداولت في إمكانية أن تعمد بعض الكتل النيابية إلى مقاطعة الجلسة، وهو ما استغربته مصادر نيابية قالت إن «هناك جهتين يُمكن أن تقاطعا الجلسة إما القوات وإما التيار الوطني الحر، لكن لا يوجد أي دافع يستوجب ذلك بعدَ أن تراجع رئيس المجلس عن مبادرته أمام رفضهما الحوار».