مع اقتراب 31 الشهر، موعد نهاية عهد الرئيس ميشال عون، تضعف الآمال أكثر فأكثر بإمكان تأليف الحكومة في ما تبقّى من وقت قبل 31 الشهر الجاري. وتشير تحضيرات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي للسفر إلى الجزائر لحضور مؤتمر القمة العربية مطلع الشهر المقبل إلى أن التأليف «بات وراء ظهره».رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل دعا ميقاتي إلى «الاعتذار ليدعو رئيس الجمهورية إلى استشارات نيابية فوراً تؤدي إلى تكليف شخص آخر». وقال باسيل لـ«الأخبار» إن «لدينا رئيساً مكلفاً يقول لكل من يتواصل معه بأن لا مصلحة له بتأليف حكومة، وبأنه ينوي في الفترة المقبلة عقد اجتماعات للحكومة بما يخالف الدستور». وحذّر باسيل من «أننا سنكون في حال استمرار الرئيس المكلف أمام حالة دستورية فريدة: حكومة بلا ميثاقية ولا شرعية ولا تمتلك ثقة كتلة مسيحية ولا ثقة نيابية، ويقاطعها معظم وزرائها».
وعلمت «الأخبار» أن حزب الله أبلغ ميقاتي أن وزيريه في الحكومة لن يشاركا في أي جلسة لمجلس الوزراء يدعو إليها إبان الفراغ الرئاسي، تضامناً مع وزراء رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. وفي هذا السياق، عُقد أمس اجتماع للوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحزب الطاشناق والنائب السابق طلال ارسلان، وتم التأكيد على مقاطعة هؤلاء لجلسات الحكومة.
وأكد باسيل، بعد زيارته البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي أمس، «أننا لا يمكن أن نقبل بحكومة فاقدة للشرعية البرلمانية والشعبية. بعض المسؤولين يسيرون بالبلد إلى الفوضى الدستورية. والسؤال هو: لماذا هذا السكوت المريب عن تشكيل حكومة؟». ونبّه إلى «مخطط للبنان وهو عدم تشكيل حكومة بإرادة واضحة من الرئيس ​نجيب ميقاتي​ ودعم من الرئيس ​نبيه بري​ ودعم خارجي ومن بعض المرجعيات لحصول الفراغ الحكومي ووضع اليد على المقام الأول في الجمهورية أي الرئاسة».
مساع جديدة يبذلها حزب الله بين حلفائه للخروج من حال الاستعصاء في الملف الرئاسي


وفي انتظار كلمة الأمين العام لحزب الله مساء اليوم، أعلن أمس أن لقاء جمع السيد حسن نصرالله وباسيل، الأربعاء الفائت، «تطرّق البحث فيه إلى مرحلة ما بعد الفراغ الرئاسي وكيفية التعامل معها». وقالت مصادر مطلعة إن الطرفين «تطرّقا إلى مواصفات الرئيس المقبل من دون الدخول في أسماء». كما كان هناك اتفاق على أن تحالف 8 آذار - التيار لم يعد قادراً على الاستمرار في التصويت بورقة بيضاء في جلسات انتخاب الرئيس، وضرورة العمل على الخروج من حال الاستعصاء الراهنة إلى «شيء جديد». وعلمت «الأخبار» أن حزب الله في صدد البدء بمساعٍ جديدة من أجل تحسين تقريب وجهات النظر بين حلفائه، خصوصاً بين التيار الوطني الحرّ وكل من تيار المردة وحركة أمل.
ومع الاقتراب أكثر فأكثر من طيّ صفحة «التأليف المستحيل»، إلا إذا حدثت تطورات ما في الساعات المقبلة، يتقدّم الاستحقاق الرئاسي إلى الواجهة. وفي هذا السياق، جاءت زيارة باسيل عقب زيارة وفد تكتل نواب القوات اللبنانية لبكركي، ضم النائبين ستريدا جعجع وأنطوان حبشي والنائب السابق جوزيف اسحق. وعلمت «الأخبار» أن البحث تركّز على استحقاق رئاسة الجمهورية، وأن البطريرك طرح كثيراً من الأسئلة، واستفسر عن جدية القوات اللبنانية في ترشيح النائب ميشال معوض الذي اعتبره غير جدي، سائلاً: «ماذا بعد ذلك؟ من هو المرشح الذي لديه حظوظ كبيرة؟». وبحسب المعلومات، فإن جعجع أبلغت الراعي أن «مرشحنا الحقيقي هو قائد الجيش» العماد جوزف عون، مشيرة إلى أنه «الوحيد القادر على مواجهة حزب الله... وله تجارب مشجعة في هذا السياق».
وبحسب أوساط مراقبة، فإن كلام جعجع يشير إلى المسعى الذي يجري العمل عليه لإحداث خرق في الملف الرئاسي مما تبقّى من فريق 14 آذار إلى جانب قوى «التغيير»، مع الاستفادة من حال الفوضى التي سيسببها الفراغ، والتي يمكن أن تنعكس توتراً في الشارع، بما يدفع إلى التوافق على قائد الجيش كمخرج وحيد من الأزمة. مع علم هذه القوى أن قائد الجيش «ليسَ مقبولاً لدى الفريق الآخر وتحديداً من باسيل، وهو يعتبر مرشح مواجهة وليسَ مرشح تسوية». وبحسب المصادر نفسها، فإن الدفع نحو تسمية عون «ليس صناعة محلية، بل لها منطلقات إقليمية ودولية. إذ أن الرياض وباريس تشجعان على انتخاب عون الذي يحظى بثقة الولايات المتحدة». واعتبرت أن «هذا المسعى قد يكون دافعاً للفريق الآخر لوضع خطة تصدّ لا يمكن أن تنجح في حال استمرت قوى ما يسمى 8 آذار على تشرذمها وعدم قدرتها على التوافق على مرشح للرئاسة».