بوعد من الرئيس نجيب ميقاتي، بتلبية مطالب نقابة موظفي «أوجيرو» الأربعة (بدل النقل، مساعدة اجتماعية، تعويض إنتاجية وغلاء معيشة)، انتهى اجتماع الثلاثاء في السراي الحكومي، لكنها خرجت أمس بعد جولات من المفاوضات والاجتماعات، شبه خالية اليدين. فالوعد كان يتعلق بإصدار أربعة مراسيم تكرّس غلاء المعيشة في أساس الراتب، إلا أن رئيس الحكومة أصرّ على أن تكون هذه الزيادة عبارة عن مساعدة مؤقتة وظرفية يتم تجديدها بقرار سلطوي. لكن لم تكن هذه هي الخطّة الوحيدة لميقاتي، بل كان يعمل على ضرب الإضراب من أساسه، بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري الذي أوفد بشارة الأسمر من أجل «إقناع» النقابة بالموافقة على مقترحات ميقاتي.ما كان متوقعاً حصل. ففي اجتماع الأمس في السراي، اخترع ميقاتي عقبة جديدة ليتهرّب من التزامه، إذ طرح أن تكون زيادة غلاء المعيشة على شكل مساعدة اجتماعية لا تدخل في صلب الراتب خلافاً للاتفاق الذي كان يقضي بإصدار مراسيم بهذا الشأن من ضمنها مرسوم زيادة غلاء المعيشة الذي يحتسب الزيادة في أساس الراتب. ولم يكتف ميقاتي بذلك، بل طرح أيضاً صيغة مختلفة لاحتساب زيادة غلاء المعيشة تتمثّل وفق مصدر متابع، بإعطاء مليون و325 ألف للموظفين الذين يتقاضون رواتب أقل من 4 ملايين ليرة، و30% لمن تتخطى رواتبهم الأربعة ملايين. في حين أن طرح النقابة في المفاوضات كان ينطلق من دراسة أدتها إدارة «أوجيرو» وتقول بزيادة الرواتب 2.2 ضعف، انطلاقاً مما يسمح به النظام الداخلي المالي للهيئة.
كل الاجتماعات التي حصلت أفضت إلى طريق مسدود. فتراجع ميقاتي عن وعوده التي قابلتها النقابة بإيجابية تمثّلت في إعادة تشغيل وصيانة السنترالات الأساسية في لبنان، دفع النقابة إلى العودة نحو الخطوات التصعيدية. والنقابة أصلاً كانت حدّدت يوم الخميس مهلة لتنفيذ المطالب وإلا ستتوقف كلياً عن القيام بأعمال الصيانة وتعبئة المازوت للمولدات، ما ينذر بخروج كافة السنترالات عن العمل. إلا أن وزير الاتصالات جوني قرم، وبحسب مصادر نقابية، استكمل المساعي مع النقابة بعد انتهاء اجتماع السراي أمس، واتفق الطرفان على عقد اجتماعٍ صباح اليوم لاستكمال البحث قبل التصعيد.
لم يتمكن رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر من إحداث شرخ بين الموظفين


أكلاف استمرار الإضراب على قطاع الاتصالات وعلى الاقتصاد ستكون كبيرة وهي أكبر بكثير من كلفة منح الموظفين حقوقهم. إذ أن دفع ما تنص عليه المراسيم الأربعة كما كانت مطروحة تحتاج إلى 222 مليار ليرة، أما في الصيغة التي عرضها ميقاتي فتقدر القيمة بـ128 ملياراً. في حين أن كل يوم إضافي يؤثّر في حياة الأسر وعلى استمرارية المؤسّسات التي تعاني أصلاً من تداعيات الأزمة. وهو ما لم يضعه رئيس الحكومة في حساباته. فبعد أكثر من أسبوع على الإضراب لم تبصر خطة وزير المالية يوسف الخليل النور.
لكن ميقاتي ومن معه، يراهنون على ضرب وحدة نقابة أوجيرو كما حصل مع الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة، وعلى تكرار سيناريو فكّ إضراب موظفي القطاع العام. وهذا السيناريو كان يفترض أن يقوم بتفعيله رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر المحسوب على رئيس المجلس نبيه بري. فهذا الأخير أوفده إلى صلب المفاوضات الدائرة بين رئيس الحكومة ووزير الاتصالات وإدارة أوجيرو مع النقابة، من أجل إقناع الموظفين بقبول عرض ميقاتي. لكن المفارقة هذه المرة، أن نقابة «أوجيرو» أظهرت تماسكاً حتى الآن ردع الأسمر عن الاستمرار في لعبة شرذمة الموظفين.