بعد نحو أربعة أشهر على الانتخابات النيابية، لا تلوح نهاية قريبة لقرار رئيس تيّار المستقبل سعد الحريري بـ«تعليق» العمل السياسي، ولا يبدو أن الأخير في وارد العودة إلى المشهد السياسي الذي ربما يكون قد غادره إلى الأبد، اللهم إلا من تعليقات «تويترية» تتعلق عموماً بمناسبات اجتماعية. ويؤكد ذلك ابتعاد الحريري التام عن كل ما يتعلق بشؤون التيار الأزرق الذي «علّقه» مع تعليقه العمل السياسي، وعدم ردّه على طلب مسؤولين في المستقبل الإذن بعقد اجتماعات تنظيمية للبت بشؤون متعلقة بالتيّار، وجسّ النبض حول ما إذا كان «التعليق» ينسحب على الانتخابات البلدية المقررة في الربيع المقبل.
(هيثم الموسوي)

وعلى ما يبدو، فإن الحريري متفرّغ تماماً لشؤون الـ«بزنس»، وقد بدأ أخيراً نقل جزء من أعماله إلى الولايات المتحدة، ما فهم لدى البعض بأنه مقدمة للانتقال إليها، إلا أن ذلك تدحضه جملة وقائع من بينها التسهيلات الممنوحة له من أبو ظبي، إضافة إلى تعويله المستمر على «ليلة قدر سعودية» تخرجه من «العزلة»، رغمَ رصده من مكان إقامته «الحيوية» السنية النيابية بحثاً عن مرجعية تخلفه بدعم ورعاية من دار الفتوى.
ربطاً بما تقدم، يمكن تفسير غضب «الشيخ سعد» الدائم على الأمين العام أحمد الحريري لمحاولاته المستمرة تعزيز نشاطه السياسي. إذ يريد الحريري الاستمرار في سياسة وضع «التيّار» على الرف، والبناء على تطور ما قد يتوافر لاحقاً. وفي انتظار ذلك، يعتمد سياسة تخفيف المصاريف في مؤسسات التي آل معظمها إلى رئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هاشمية.
حال الجمود هذه يتوقع أن تعمّق الشعور باليتم لدى أنصار الحريري وتيار المستقبل المتروكين لمصيرهم. رغم ذلك، يستمرّ البعض في التعبير عن تأييد خيارات «الشيخ سعد»، كما أظهره إعادة تفعيل حملة «لعيونك» في بعض أحياء بيروت، كتعبير عن الالتزام بسياسة «المقاطعة» الشاملة. صحيح أن الحملة أخذت طابعاً شعبياً وأن «الشيخ سعد» لا علمَ له بها، غير أنه لا يمكن عزلها عن صراعات بين مسؤولين محليين، في ظل ما يتردّد عن تحضيرات يتولاها محسوبون على هاشمية لخوض الانتخابات البلدية تحت شعار «تكريس مشاركة فاعلة وحماية المواقع».
وفي مقابل نفي مقرّبين من هاشمية وجود أي مسعى انتخابي بلدي وتأكيد اقتصار اهتمامهم على «مساعدة الناس»، تتعامل «جماعة» الأمين العام بحذر شديد مع الأمر، وتؤكد مصادرها لـ«الأخبار» بأن الموقف من الاستحقاق ينتظر «توجيهات القيادة» ورهن قرار يصدر عن سعد الحريري مباشرة. علماً أن «القيادة» تمتنع عن إصدار أي موقف من أي شأن.
ثلاثة تيارات في المستقبل منقسمة حول الموقف من الانتخابات البلدية

فقبل فترة قصيرة، جرت محاولة «جس نبض» لمدى إمكان عقد اجتماع للتيار يبحث أموراً تنظيمية من بينها الموقف من «الاستحقاق البلدي»، كون مقاطعة «الرئيس» اقتصرت مبدئياً على الانتخابات النيابية. جرت أكثر من محاولة في هذا السياق على «غروب الواتساب» الخاص بقيادة المستقبل والذي يضم سعد الحريري من دون أن يعلق الأخير بأي حرف، إلى أن طُلِبَ من الداعين إلى الإقلاع عن التفكير في الدعوة «لأن الشيخ سعد مش فاضي!» بحسب وصف مصدر في «المستقبل». الأمر نفسه انسحب على أسئلة وجهت على «الغروب» نفسه مصير المؤتمر العام الذي كان مفترضاً عقده مطلع الصيف الجاري، ثم تردّد أنه أُرجئ إلى الخريف، من دون أي بوادر لعقده حتى الآن.
رغم ذلك، يدور نقاش على مستوى قيادي في «التيار الأزرق» حول طبيعة المشاركة في الاستحقاق البلدي المرتقب. وكحال الانتخابات النيابية المنصرمة، انقسمَ المستقبليون 3 تيارات: الأول يرفض الفكرة تماماً التزاماً بتوجيهات الرئيس الحريري، والثاني، محسوب على هاشمية، يدعو إلى المشاركة من زاوية عدم ترك جمهور التيار لقمة سائغة للخصوم و «الخوارج»، فيما يلمس من نشاطه محاولات لوراثة «التيار» ربطاً بوراثته لمؤسساته، والثالث، محسوب على الأمين العام، لا يزال يناقش بهدوء طبيعة المشاركة في الاستحقاق، رغبة منه في قطع الطريق على «وراثة التيّار».