مع الوقت، يتّضح أكثر فأكثر، الأساس الذي يبني عليه القادة الإيرانيون تفاؤلهم بشأن مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي، الذي جرى التوصّل إليه في عام 2015. ولا يرتبط هذا الأمر بواقع أن المفاوضات بدأت تُحرز تقدّماً في الأسابيع الأخيرة، بل بذهاب بعض المفاوضين إلى حدّ الإعلان عن اتفاق وشيك. وجاء ذلك فيما أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، قبل أيام قليلة، أن المحادثات بين طهران والقوى الستّ الكبرى تتقدّم بشكل جيّد، داعياً المفاوضين إلى مقاومة الضغوط. وهو ما يوحي بأنه لا تزال هناك خلافات، خصوصاً بسبب مسألة شطب الحرس الثوري الإيراني من «اللائحة الأميركية السوداء للمنظّمات الإرهابية الأجنبية»، التي أُدرج عليها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.وإذ أشار خامنئي إلى أن «الوفد الإيراني المشارك في المفاوضات تمكّن، لحدّ الآن، من الصمود بوجه مطامع الطرف الآخر»، فقد حملت تصريحاته إشارات إلى أن إيران باتت تتصرّف على أساس أن الاتفاق مُنجز، ولكن القرار النهائي يبقى في يد الأميركيين. وبمعزل عن مسار المفاوضات، بشكل خاص، يبدو أن النقطة التي لعبت دوراً لصالح طهران في هذه المعادلة، هي الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي كان لها تأثير إيجابي على الوجهة الإيرانية في المفاوضات، كما على تغيير الموقف الأميركي بشأن كمية النفط المسموح لإيران بتصديرها. وفي هذا الإطار، تفيد مصادر «الأخبار» بأن «الأميركيين كانوا يقولون إن المرحلة الأولى من الاتفاق تقضي بالسماح لإيران ببيع مليونَي برميل يومياً فقط، ولمدّة خمس سنوات، إلّا أن اندلاع أزمة الطاقة دفع الأوروبيين إلى إبلاغ طهران بموافقة واشنطن على مضاعفة الكمية»، علماً بأن الإيرانيين يحتاجون إلى وقت واستثمارات، كي يتمكّنوا من رفع إنتاجهم اليومي إلى ثلاثة ملايين ونصف مليون برميل، في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى استهلاك نحو عشرين في المئة من الكمية في الداخل الإيراني وحده.
وأكّدت المصادر ما كانت نشرته «الأخبار» سابقاً، ربطاً بمسألة إزالة الحرس الثوري من «اللائحة الأميركية السوداء»، قائلةً إن «الأميركيين وافقوا على شطب كلّ لائحة الكيانات المتّصلة بالدولة وقياداتها من لائحة العقوبات، إلّا أنهم انتقلوا إلى النقاش بشأن حصر العقوبات بفيلق القدس، وليس الحرس الثوري كاملاً، الأمر الذي رفضته طهران». في المقابل، تطالب الولايات المتحدة بقرار إيراني يقضي بإلغاء لائحة من أسماء 61 مسؤولاً أميركياً، تعتقد طهران أنهم شاركوا في مؤامرة اغتيال الجنرال قاسم سليماني. وفي هذا السياق، ذكر الأميركيون أن «لديهم معطيات عن مساعٍ إيرانية لرصد هذه الشخصيات، كما أن هناك قراراً بالقيام بأعمالٍ ضدّهم». إلّا أن إيران لم تردّ رسمياً على الطلب الأميركي، بل فتحت باب الردود غير الرسمية عبر مواقع وجهاتٍ وقياداتٍ، أعادت التركيز على ثابتة الانتقام لسليماني.
أفادت مصادر «الأخبار» بأن «الأميركيين طالبوا بمحادثات مباشرة مع الإيرانيين»


من جهة أخرى، أفادت المصادر بأن «الأميركيين طالبوا بمحادثات مباشرة مع الإيرانيين»، موضحةً أن «المفاوِض الأميركي عرض أن يُعقد اجتماع مع وزير الخارجية الإيراني، تحضره نائبة الرئيس الأميركي، مبرّراً الحاجة إلى هذا الاجتماع بوجود الكثير من الملفّات التي يمكن معالجتها مباشرة وسريعاً، من دون الحاجة إلى المباحثات التقليدية». وبحسب المصادر، فقد رفض الإيرانيون الطلب الأميركي، ولا سيما أن الحكومة الإيرانية لم تحصل على موافقة المرشد الأعلى على خطوة كهذه. مع ذلك، تحدّثت مصادر دبلوماسية أوروبية عن طلبٍ إيراني يقضي بأن يبادر الأميركيون إلى خطوة «حسن نيّة»، قد تساعد على القبول بالمفاوضات المباشرة، وهو ما يرتبط، على الأرجح، بالإفراج عن الأموال الإيرانية المجمّدة في كوريا الجنوبية، بسبب العقوبات، والبالغة 7 مليارات دولار.