صنعاء | في موازاة التصعيد العسكري الذي يقوده التحالف السعودي - الإماراتي في اليمن منذ قرابة شهرين، شدّدت قيادته الحصار على هذا البلد، عبر منْعها دخول أيّ كميات من المشتقّات النفطية إليه، ورفْضها دعوات المنظّمات الدولية إلى السماح بإدخال سفينة إسعافية عبر ميناء الحديدة، لوقْف انهيار القطاع الصحّي اليمني، جرّاء أزمة الوقود التي تعيشها مختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرة حركة «أنصار الله». وتسبّبت هذه الأزمة، المستمرّة منذ حوالى أسبوعين، في ارتفاع تكلفة الخدمات الأساسية، كالكهرباء التجارية التي يستخدمها الملايين من اليمنيين كمصدر بديل للطاقة. كما انعكست سلباً على قطاع النقل الداخلي بين المحافظات، والذي ارتفعت تعرفته بنسبة 50%، وعلى قطاع الزراعة الذي يعتمد على مادة «السولار» (الديزل) كمصدر أساسي للرّي، وأدّت أيضاً إلى ارتفاع تكلفة مياه الشرب والسلع والمنتجات، ودفعت ببعض المستشفيات إلى خفض طاقاتها بسبب انعدام الوقود. وعلى رغم محاولات القطاع الخاص الإنتاجي إدخال سفينة محمّلة بـ«السولار»، الأربعاء، لتأمين استمرار تشغيل المصانع التابعة له، أكدت مصادر ملاحية في ميناء الحديدة أن السفينة «UHUD» المُحمَّلة بـ29974 طنّاً من هذه المادّة، تعرّضت للقرصنة من قِبَل قوات تابعة لـ«التحالف» في المياه الدولية قبالة الميناء، وتمّ اقتيادها إلى جيزان جنوب السعودية، مع أنها حاصلة على تصريح من آلية التفتيش الأممية في جيبوتي.
أرجعت حكومة هادي قرار حصْر استيراد الوقود بشركة النفط في عدن إلى تعرّضها لضغوط من «التحالف»

بالتوازي مع ذلك، وإلى جانب استهداف البوّابة الدولية للإنترنت في الحديدة خلال الأيام الماضية، والذي كبّد الاقتصاد اليمني خسائر بملايين الدولارات، عمدت حكومة الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بتوجيهات من «التحالف»، إلى إغلاق الأبواب كافّة أمام مستورِدي المشتقّات النفطية من التجّار، الذين كانوا يستورِدون موادَّ إسعافية بديلة لشحنات النفط المحتجَزة في جيبوتي وميناء جيزان، عبر الموانئ الجنوبية والشرقية، وهو ما ضاعف الأزمة التي تشهدها المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء، وأدّى إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار المشتقّات النفطية بلغت 100% في غضون أيام. وأرجعت حكومة هادي قرارها هذا، الذي حصَر الاستيراد بشركة النفط في عدن الخاضعة لسيطرة «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، إلى تعرُّضها لضغوط من «التحالف» الذي اشترط عليها اتّخاذ إجراءات خانقة في ذلك المجال، مقابل منْحها وديعة سعودية - إماراتية. إلّا أنه نتيجة لخطوتها تلك، امتدّت أزمة المشتقّات النفطية من صنعاء إلى عدن وحضرموت خلال الأيام الفائتة، بعدما رفض تجّار الوقود التعامل بالقرار، وأوقفوا جميع الشحنات المستورَدة من الخارج لتموين الأسواق اليمنية، وهو ما تسبّب بموجة سخط شعبي على حكومة هادي. وكانت الميليشيات الموالية لـ«التحالف» في المحافظات الجنوبية عمدت إلى قطْع كلّ طرق الإمداد التي كانت صنعاء تستقبل عبرها كمّيات من المشتقّات النفطية التابعة للتجّار، بعد تحميلها بصهاريج من ميناءَي عدن والمكلا.
إزاء ذلك، اعتبرت شركة النفط في صنعاء ما يجري من تشديد للحصار «جريمة إبادة جماعية». ورأى المتحدّث باسم الشركة، عصام المتوكّل، في حديث إلى «الأخبار»، أن «صمت الأمم المتحدة على جرائم القرصنة البحرية التي تتعرّض لها سفن المشتقات النفطية، شجّع دول العدوان على الإمعان في ارتكاب المزيد من هذه الجرائم». وأشار المتوكّل إلى أن «دول التحالف تحتجز حتى الآن 8 سفن مشتقّات نفطية (ديزل، بنزين ومازوت) وسفينة تحمل مادّة الغاز المنزلي، وتمنعها من الدخول إلى ميناء الحديدة، منذ أكثر من خمسة أشهر ومن دون مبرّر». يُشار إلى أن صنعاء تستورد، منذ السنوات الأولى للحرب، كلّ احتياجاتها عبر الإمارات، بتفاهم ضمني مع «التحالف»، لكنّ الأخير لم يمتنع، على مرّ الأعوام الماضية، عن تفعيل سياسة احتجاز السفن عندما يحْلو له، وهو ما عاد إلى القيام به أخيراً.