طهران | تَجري الجولة الثامنة من محادثات فيينا لإحياء «خطّة العمل المشترك الشاملة» (الاتفاق النووي) وسْط صمت إعلامي نسبي، بعدما لم تشهد الأيام الماضية ظهوراً لأحد الأطراف المتفاوضة أمام الإعلام، إلّا قليلاً. ويشي ذلك بأن ثمّة هدنة غير معلَنة يُراد من خلالها الابتعاد عن أجواء الجولة السابعة، التي شهدت اتّهامات متبادلة بعدم الجدّية وإهدار الوقت. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن المحادثات تسير ببطء، لكنها تمضي قُدُماً. بيد أن هوة الخلافات لا تزال سحيقة، إلى درجة أنه من المستبعد أن يُنجَز اتفاق بحلول نهاية كانون الثاني الحالي. ويتوافق هذا مع ما نقلته مجلّة «فورين بوليسي» عن مسؤول أميركي رفيع المستوى، من أن محادثات فيينا حقّقت تقدّماً طفيفاً خلال الأسابيع الأخيرة. وأن «سرعتها لا تنسجم مع سرعة البرنامج النووي الإيراني»، وهو ما «قد يَضطر واشنطن إلى مراجعة الاتفاق بشكل عام». وفي السياق ذاته، أفاد مصدر دبلوماسي مطّلع وقريب من الفريق الإيراني المفاوِض، «الأخبار»، بأن «تسوية جميع الخلافات، بما فيها نوع العقوبات التي يجب رفعها، والتحقّق من ذلك، وضمان عدم تكرار الانسحاب من الاتفاق، ووضع البرنامج النووي الإيراني، بحاجة إلى وقت»، مضيفاً أنه «ليس مستبعداً أن يتمّ ترحيل المحادثات إلى جولات لاحقة». واستدرك المصدر بأنه «نظراً إلى إمكانية أن يطول أمد المحادثات للتوصّل إلى اتفاق نهائي، فإن اعتماد الإجراءات التي تُسهم في بناء الثقة، حتى قبل التوصّل إلى اتفاق نهائي، يمكن أن يلطّف الأجواء، ويبدّد هواجس الطرفَين إزاء تَحوّلها إلى محادثات استنزافية». وبحسب معلومات «الأخبار»، «فقد أبدت أميركا جهوزيّتها للسماح بتحرير جزء من الأموال والأصول الإيرانية المحتجَزة خارج البلاد، في خطوة لبناء الثقة، في مقابل إجراء إيراني متبادل». وفي هذا الإطار، أوضح المصدر الدبلوماسي أن «إيران طالبت بالإفراج عن نحو 15 مليار دولار»، مبيّناً أن «وزير الخارجية كان قد طالب واشنطن، في أيلول الماضي، بتحرير جزء من الأصول الإيرانية المجمّدة كمؤشّر على حسن النية، وبالتالي أبدى الأميركيون الآن استعدادهم للقيام بهذه الخطوة، لكنهم ينتظرون أن تُبادر طهران إلى تجميد جزء من إجراءاتها النووية، كمؤشّر إلى حسن نيّتها أيضاً». وتابع المصدر أنه «لم يُتّخذ، إلى الآن، قرار بقيام إيران بخطوة مماثلة، لكن وقف التخصيب بنسبة 60% هو أكثر الإجراءات ترجيحاً». وبناءً عليه، خلُص إلى أن «إجراءات واشنطن وطهران، من منطلق حسن النية، إن حصلت، فإنّها تمثّل خطوة للسير باتجاه إبرام الاتفاق الرئيس، الذي لا يجب أن تُطلق عليه تسمية الاتفاق المؤقّت، مثلما تفعل بعض وسائل الإعلام».
ثمّة احتمال لأن يلتقي الإيرانيون والأميركيون بشكل مباشر في حال سارت المحادثات قدُماً


ويأتي هذا فيما أكّد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن «الاتفاق المؤقّت ليس مُدرجاً على جدول أعمال إيران». وقال في مؤتمرٍ صحافي، أوّل من أمس: «إنّنا نبحث عن اتفاق مستديم يمكن التعويل عليه»، مضيفاً أن «أيّ اتفاق يفتقد إلى هذَين العنصرين، ليس مُدرجاً على جدول أعمالنا». وشدّد خطيب زاده على أنه «يجب علينا جميعاً التأكّد من أن تكون عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مصحوبة بالحصول على الضمانات اللازمة والتثبّت من رفع العقوبات، وكذلك الدورة التي يجب أن تتمّ لرفع العقوبات وفقاً للاتفاق النووي، أن تُنجَز بصورة فاعلة، وكلّ هذا لا يتحصّل من خلال اتفاق مؤقت». وجاءت تصريحات المتحدث الإيراني غداة تأكيد المرشد الأعلى للجمهورية، آية الله علي خامنئي، أن «التفاوُض والتعاطي مع العدو، لا يعنيان الاستسلام»، وهو ما قُرئ على نطاق واسع في الوسطَين السياسي والإعلامي على أنه تأييد لمحادثات فيينا، وضوء أخضر لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، في حال تطلّب ذلك التوصّل إلى اتفاق نهائي.