بالرسائِل عن بُعد، استبقَ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان زيارته للبنان، وبلغة لا تخلو من التهديد بمعاقبة المسؤولين بسبب سلوكهم المُشين بحق البلد، استكمل الزائر الذي سيحطّ اليوم في بيروت كلاماً سابقاً عن البدء بإجراءات منع الدخول إلى الأراضي الفرنسية، لشخصيات «نعتبرها معرقلة للعملية السياسية وضالعة في الفساد»، قائلاً في تغريدة له على وسائل التواصل «سنتعامل بحزم مع الذين يعطّلون تشكيل الحكومة، ولقد اتّخذنا تدابير وطنية، وهذه ليست سوى البداية».من دون معرفة الأسباب، تأجّل سفر وزير الخارجية الفرنسي يوماً عن الموعد الذي كانَ مُقرّراً، علماً بأن ذلك لن يُقدّم أو يؤخر في حال الاستعصاء في الملف الحكومي الذي لم يشهد جديداً سوى وضع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري خيار «التنحّي» جانباً، بعدَ أن لوّح به أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة، وأبلغه لمن يهمه الأمر... لكن أحداً لم يهتم!
عدا عن ذلك، تستعر الحروب الصغيرة الدائرة في الداخل، ربطاً بما يجري في الإقليم. وفي انتظار اتضاح اتجاهات المنطقة، باتَ بعض الأطراف يتصرّف من منطلق المُنتصِر في المعادلة السياسية، إذ لم تتوقف منذ أيام حملات التبشير بقرب استقالة الحريري وهزيمته في وجه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ربطاً بالمعلومات التي تتحدث عن سحب المملكة العربية السعودية يدها منه، وعدم تمسّك الآخرين به، وتحديداً باريس.
وعزّز هؤلاء حملتهم بالحديث عن عدم إدراج الحريري على جدول لقاءات لو دريان وحصرها برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك بشارة الراعي وجهات من المجتمع المدني، علماً بأن معلومات تحدثت أمس عن «تعديل للمواعيد وعقد اجتماع مع الرئيس المكلف».
مصادر مطلعة، اعتبرت أن الزيارة تُعطى أكثر من حجمها، كما لو أنها الفرصة الأخيرة أمام لبنان، مشيرة إلى أن «الفرنسيين يحملِون عصا العقوبات بيد، وفي اليد الأخرى مبادرتهم التي فقدت تأثيرها، فكيف يريدون لأحد أن يتجاوب معهم؟». وقالت المصادر إن «صدى الصوت الفرنسي أكبر من الحجم الحقيقي لدولة تلعب دوراً في ظل غياب اللاعبين الأصليين، أي في الوقت الضائع، ولا قدرة لديها على فرض مشروع محدد، نظراً إلى أن سياستها تفتقِد الأدوات التنفيذية».
معلومات تحدثت عن تعديل للمواعيد وعقد اجتماع مع الرئيس المكلف


كذلك اعتبرت أوساط سياسية بارزة أن الزيارة ليست ذات أهمية، إلا في حال طرأت مفاجأة جديدة من شأنها خلط الأوراق، وهنا تحدثت الأوساط بكلام جرى التداول به، عن محاولات فرنسية لجمع الحريري وباسيل معاً، على اعتبار أنهما المعرقلان الرئيسيان لتأليف الحكومة، فإذا «تمكّن لودريان من جمعهما، فساعتئذٍ يمكن القول إن الزيارة حققت تقدماً ما». وبينما قالت الأوساط إن «خيار الاعتذار وُضع جانباً، مبدئياً»، اعتبرت أن الحديث عن «خاسر ورابح في الداخل سابق لأوانه، وأن المعادلات الإقليمية الجديدة لن تكون لها ترجمة قريبة وفورية، بل تحتاج إلى وقت». ولفتت إلى أن هناك عنصراً يجب عدم تجاهله، ألا وهو أن «الحريري لم يعتذر ولا يزال رئيساً مكلفاً وموجوداً في المعادلة الداخلية، ولا يزال أطراف أساسيون يفضّلونه على غيره»، ثم إن صعوبات الاتفاق على أسس المرحلة المقبلة أعقد من مسألة الاتفاق على اسم رئيس الحكومة، وبالإمكان أن يأخد وقتاً أكثر من أشهر التكليف، وهذا كله يُدفع من روزنامة «ما تبقّى من العهد»، وبالتالي خسارة الحريري لا تعني بالتأكيد فوز الآخرين.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا