بغداد | شهدت ساحات التظاهر في العراق – وتحديداً في العاصمة بغداد -، أمس، وبالتزامن مع إحياء السنوية الأولى لموجة التظاهرات الثانية في عام 2019 (25 تشرين الأول/ أكتوبر)، مواجهات دامية بين المتظاهرين والقوّات الأمنية. وبحسب رواية بعض المشاركين في التظاهرات، التي ندّدت مجدّداً باستشراء الفساد وسوء الخدمات، عمد عدد من «المندسّين» إلى استخدام قنابل المولوتوف الحارقة والحجارة والسكاكين بوجه القوات الأمنية، ما دفع الأخيرة إلى الردّ برمي القنابل الدخانية والمسيّلة للدموع وخراطيم المياه، في محاولةٍ منها لتفريق مَن يحاولون عبور الجسور الممتدّة على نهر دجلة، باتجاه منطقة الكرخ، وذلك لدخول «المنطقة الخضراء». ومن جرّاء هذه الصدامات التي وقعت في مناطق العلّاوي والسنك و«ساحة التحرير» وسط العاصمة، أُصيب حوالى 40 متظاهراً إصابات مختلفة، كان أغلبها حالات اختناق، في وقت سَجّلت فيه القوّات الأمنية سقوط 17 مصاباً في صفوفها، بينهم 5 ضباط.ووفق الرواية الأمنية، فقد اخترقت «مجاميع مشبوهة» ساحات التظاهر في العاصمة، حيث تمكّنت من إحداث الشغب، وعمدت إلى الاعتداء على القوّات الأمنية، وتحريض المتظاهرين على اختراق الجسور التي تربط جانبَي بغداد: الكرخ والرصافة، ومحاولة إسقاط الكتل الإسمنتية عليها. وتفيد المصادر، التي تحدّثت إلى «الأخبار»، بأن «4 منتسبين من قوات حفظ النظام أصيبوا إثر إلقاء قنبلة يدوية، انفجرت خلف الحاجز الأمني الأول على جسر الجمهورية (يربط «التحرير» بـ«الخضراء»)، ما دفع بتلك القوّة إلى الانسحاب، وإفساح المجال أمام المتظاهرين للسيطرة على الحاجز الأمني الأوّل على الجسر».
إزاء ذلك، وفي موقف لافت، دعا زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، في تغريدة له، «الثورة» إلى إخراج «المندسّين المشاغبين المدعومين من الخارج»، ولا سيّما بعد إعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أوّل من أمس، عدم تسليح القوّات الأمنية خلال التظاهرات. وحثّ الصدر الحكومة على «بسط الأمن وردع الوقحين عن التخريب، وفتح الطرق وإرجاع هيبة الدولة، وإلا فإن هذا يدلّ على التواطؤ مع ذوي الأجندات الخارجية والأفكار المنحرفة». وكانت «قيادة عمليات بغداد»، المكلّفة بحماية الأمن في العاصمة، أصدرت أوامر ملزمة لجميع القيادات والقطعات بمنع حمل أو استخدام الأسلحة والأعتدة الحيّة من قِبَل القوّات الأمنية كافة في ساحات التظاهرات أو المحيطة بها، أو على الطرق المؤدّية إليها.
وبعد عام على «تظاهرات تشرين»، والتي أطاحت، بدعم من المرجعية الدينية في النجف (آية الله علي السيستاني)، حكومة عادل عبد المهدي، وعبّدت الطريق أمام حكومة الكاظمي، يرى طيف واسع من المتظاهرين أن «حكومة الثورة» لم تحقّق إلا «أشياء بسيطة من مطالبهم». وفي هذا الإطار، يقول المتظاهر علي عبد الله (29 عاماً)، المشارك في تظاهرات أمس، إن «مطالبنا الأساسية تتمثّل في القصاص من قتلَة المتظاهرين، والمضيّ باتجاه انتخابات مبكرة، فضلاً عن المحاربة الحقيقية للفساد»، لافتاً في حديثه إلى «الأخبار» إلى أن «الوضع في ساحات التظاهر غير مطمْئن، وينذر بإمكانية سقوط أعدادٍ كبيرة من المتظاهرين والقوّات الأمنية على حدّ سواء، وسط أجواء متشنّجة تسودها حالات الاستفزاز والعنف».
وأمام هذا المشهد، وعلى رغم تسيّد الهدوء منصّات التواصل الاجتماعي، وسكون الأصوات المُحرّضة والتي سبق أن لعبت دوراً «تخريبياً» في تظاهرات العام الماضي، لا يبدو واضحاً ما ستؤول إليه الأحداث في المرحلة المقبلة، وفق تقديرات مصادر أمنية وسياسية، تُحذّر من احتمال توريط «الحشد الشعبي» في أحداث أمنية، وهذا ما قد يدفع إلى «حمام دم» لا يمكن لأحد أن يضبطه.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا