تظهر في الأيام الأخيرة تباينات عميقة بين الجانبين الروسي والتركي حول مصير إدلب، والاتفاق الذي تم بينهما في آذار/ مارس الفائت، وقضى بفتح طريق حلب - اللاذقية الدولي (M4). وكانت شهدت العاصمة التركية أنقرة، يومي الثلاثاء والأربعاء، اجتماعات بين فريقين من العسكريين الروس والأتراك، حول كل من ليبيا وسوريا. لكن ملف إدلب كان الحاضر الأكبر على طاولة المفاوضات بين الطرفين، التي يبدو أنها لم تُفض إلى توافق يعزّز الاتفاق السابق.ويبدو أنّ غياب التوافق بين الجانبين قد انعكس مباشرة في الميدان، إذ لم يسيّر الطرفان الدورية المشتركة التي كان مقرراً تسييرها قبل يومين على طريق «M4»، وسُجّل غياب القوات الروسية عن الدورية المشتركة، ما دفع الجيش التركي إلى تسيير الدورية بمفرده. وأمس، أكدت وزارة الخارجية الروسية أن تركيا تماطل في تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاق وقف الأعمال القتالية في محافظة إدلب. وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحافي في موسكو، إن «تنفيذ أنقرة لالتزاماتها المنصوص عليها في المذكرة الروسية التركية المبرمة في الخامس من آذار/مارس هذا العام تجري المماطلة فيه».
في المقابل، كان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قد لمح إلى إمكانية انتهاء العملية السياسية في إدلب، في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع روسيا. وعلّق وزير الخارجية التركي، في مقابلة مع قناة «سي أن أن» التركية مساء أوّل من أمس، على تطورات الملف السوري، قائلاً: «بالنسبة إلى سوريا، نحن بحاجة إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار في منطقة إدلب أولاً»، مشيراً إلى أن الاجتماعات مع الجانب الروسي لم تكن»مثمرة» للغاية. وأضاف: «يحتاج وقف إطلاق النار في سوريا إلى الاستمرار والتركيز أكثر قليلاً على المفاوضات السياسية»، مشدداً على وجوب وجود هدوء نسبي في المحافظة، لأنه «إذا استمرت المعارك، فقد تكون العملية السياسية قد انتهت». بدورها، نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية، عن مصدر لم تسمّه، أن الوفد الروسي قدّم مقترحاً لتخفيض عدد نقاط المراقبة التركية في إدلب، إلا أنه «لم يجرِ التوصل لاتفاق في هذا الشأن». وتحدث المصدر عن أنه «تقرّر تخفيض عدد القوات التركية الموجودة في إدلب، وسحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة»، بعد رفض الجانب التركي سحب نقاط المراقبة التركية، وإصراره على إبقائها.
قدّم الوفد الروسي مقترحاً لتخفيض عدد نقاط المراقبة التركية


من جهتها، نفت «هيئة تحرير الشام» أي علاقة لها بالمجموعات التي تستهدف الدوريات الروسية - التركية المشتركة في إدلب. وكانت قد استهدفت مجموعة تطلق على نفسها اسم «كتائب خطاب الشيشاني» الدوريات المشتركة، بينما استهدفت مجموعة أخرى تسمّى «سرية أنصار أبي بكر الصديق» الأتراك فقط في جميع هجماتها. وقال مسؤول التواصل الإعلامي في «تحرير الشام»، تقي الدين عمر، لموقع «عنب بلدي» المعارض، عبر مراسلة إلكترونية، إن «تحرير الشام لا تعرف كتائب خطاب الشيشاني ولا تربطها أي صلة بالكتائب». وأكد تقي الدين أن «تحرير الشام لم تسمع بالكتائب إلا من الإعلام»، مضيفاً: «نشكّك في مثل هذه الجهات التي ظهرت فجأة وفي ظروف غامضة».
وكانت «كتائب خطاب الشيشاني» قد تبنّت استهداف الدوريات المشتركة على طريق حلب - اللاذقية الدولي ثلاث مرات. الأولى في 14 تموز/ يوليو الماضي، عبر سيارة مفخخة، وكان الظهور الأوّل لـ»الكتائب». وفي 17 آب/ أغسطس الماضي، تبنّت استهداف عربة ضمن الرتل بقذيفة صاروخية، وكانت أوّل دورية تسير بالاتجاه المعاكس لاتجاه الدوريات (من قرية عين حور في ريف إدلب الجنوبي الغربي إلى قرية الترنبة في ريف إدلب الشرقي). وكان التبنّي الأخير لـ»الكتائب» بعد ثمانية أيام، في 25 من آب/ أغسطس الماضي، بعد استهداف دورية مشتركة على (M4). أمّا «سرية أنصار أبي بكر الصديق» فاستهدفت الأتراك للمرة الأولى في 27 آب/ أغسطس الماضي، كما تبنّت «السرية»، في 6 أيلول/ سبتمبر الحالي، عملية إطلاق النار على جنود أتراك في بلدة معترم قرب أريحا جنوبي إدلب، ما أدى إلى مقتل جندي وإصابة آخر. وفي الـ14 من الشهر الحالي، تبنّت استهداف سيارة تابعة لـ»الهلال الأحمر» التركي في ريف حلب، ما أدى إلى مقتل أحد أفراده وإصابة آخر.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا