بطولةٌ من دون مشاركة اللاعبين الأجانب. اقتراحٌ مطروحٌ على طاولة اتحاد الكرة، التي لم تجمع أعضاء اللجنة التنفيذية منذ أكثر من شهرين. أزمة كورونا ليست السبب خلف رغبة معظم الأندية في عدم إبرام عقودٍ مع أجانب، بل ارتفاع سعر صرف الدولار المتزايد، ودخول الإدارات أزمة اقتصادية سبقت نظيرتها الصحيّة.تقليل حجم الإنفاق، سيعود بالكرة المحليّة سنواتٍ إلى الوراء، وسيؤدي إلى تراجع مستوى البطولة المتوقّع، إلى جانب عوامل أخرى، لكنّه يفتح باباً لمشاركةٍ أكبر للاعبين الشباب، ولو أن هذا الأمر كان ليحصل في الموسم الملغى، عقب قرار الاتحاد إلزام الأندية إشراك لاعبين دون 23 عاماً في عددٍ من الدقائق. موسمٌ مقبلٌ استثنائي، هو الأخير في عمر الاتحاد المُجدَّدة ولايته، يُؤمل، أن تخرج منه كرة القدم اللبنانية بأقلّ الأضرار.
لم تقلّ نسبة عدد أهداف الأجانب (باستثناء المحترفين الفلسطينيين) عن 34% من مجموع الأهداف العام


ما بين 132 و187 لاعباً لبنانياً سيلعبون خلال كل أسبوعٍ في الدوري اللبناني، الموسم المقبل. هذا غالباً ما سيحصل إذا ما لم تتعاقد الأندية مع لاعبين أجانب. الرقم يرتفع تدريجياً مع مرور الأسابيع ومشاركة وجوهٍ جديدة، ومن المتوقّع، أن يُشرك كل فريق ما لا يقلّ عن 20 لاعباً (أقل عدد مشاركة للاعبين من فريقٍ واحدٍ في الموسم الماضي بلغ 19)، مع إقرار الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إجراء 5 تبديلات في المباراة، وتوسعة قائمة لاعبي الفرق. هذا، إذا دفعت الأندية للاعبيها وتعاقدت مع المزيد منهم، مرفّعةً بعض الشباب إلى الفِرق الأولى.

تراجع مستوى البطولة
ثمّة نتيجة واحدة مؤكّدة لعدم مشاركة الأجانب، وهي خوض الشباب عدداً أكبر من دقائق المباريات. هذه نقطة تُفصّل لاحقاً. في المقابل، تراجع المستوى العام للبطولة من عدمه، يرتبط بأداء اللاعبين حصراً. الأجنبي، غالباً لا يأخذ مركز المحلّي إلا إذا كان متفوّقاً عليه، والأندية لا تتعاقد مع الأجانب من دون سبب. صحيحٌ أن عدداً لا بأس به من الأجانب الذين توافدوا إلى الدوري اللبناني لم يكونوا بالمستوى المأمول، إلا أن تعاقد الأندية معهم من الأساس جاء بسبب عدم وجود من يقدّم النتيجة التي يطلبها المدربون. ومع غياب العنصر الأجنبي، يصبح لزاماً على المدربين اختيار الأفضل من بين المحليين، حتّى ولو لم يكن المختار بالمستوى المطلوب. أمّا إذا ارتفع عدد من هم ليسوا بمستوى جيّد، ينخفض المستوى العام. وبالعودة إلى ما يقدّمه عددٌ لا بأس به من اللاعبين في المواسم الماضية، يُمكن توقّع تراجع مستوى البطولة، لكن ذلك ليس نتيجة حتميّة.

معدّل أهداف منخفض
في المواسم السبعة الأخيرة (بدءاً من 2012-2013 حتّى 2018-2019)، لم تقلّ نسبة عدد أهداف الأجانب (باستثناء الفلسطينيين)، عن 34% من مجموع الأهداف العام، وتخطّت نصف المجموع في موسم 2014-2015 (51.64%). في حين أن في موسم 2011-2012، سجّلت نسبة أهداف الأجانب إلى 23.32% فقط (58 هدفاً من أصل 343). اللافت، أن مجموع الأهداف العام في ذلك الموسم، أكبر من مجموع أهداف الموسم الماضي مثلاً (343 مقابل 315)، كما أنه أكبر من مجموع أهداف موسم 2014-2015، الذي تخطّى فيه عدد أهداف الأجانب نصف المجموع. هذا يعني أن غياب الأجانب عن الدوري، لا يعني بالضرورة انخفاضاً في عدد الأهداف، لكن المفارقة تكمن في الفارق بين أسماء المهاجمين في الموسم المذكور، والأسماء الحالية.

مع غياب العنصر الأجنبي، يصبح لزاماً على المدربين اختيار الأفضل من بين المحليين


العهد مثلاً، كان يضمّ محمود العلي وعلي بزي إلى جانب مهاجمه الأجنبي، فيما لعب محمود كجك ونصرت الجمل للأنصار، أكرم مغربي للنجمة، حسين طحان للإخاء الأهلي عاليه، محمد حلاوي لشباب الساحل، غسان شويخ للتضامن صور وطارق العلي للمبرة، إلى جانب غيرهم من اللاعبين. مفارقة أخرى تكمن في أسماء الهدّافين في ذلك الموسم، إذ تفوّق لاعبو خط الوسط والأجنحة على المهاجمين الصريحين، ليتصدّر محمد حيدر ترتيب الهدّافين (12 هدفاً)، كما ضمّت لائحة أفضل 10 هدّافين لبنانيين، عباس أحمد عطوي، عباس علي عطوي ومحمد عطوي، إلى جانب المدافعين علي السعدي وبلال نجارين. قلّة فاعلية المهاجمين، سمحت للاعبين الذين يشغلون مراكز مختلفة بتسجيل المزيد من الأهداف. صحيحٌ أن بعض هذه الأسماء لا تزال ناشطة، لكن الأكيد أن العمر يلعب دوراً في المستوى.
تجدر الإشارة إلى أن عدد أهداف اللاعبين الفلسطينيين بلغ في ذلك الموسم 22 هدفاً، بمشاركة لا بأس بها، إلا أن الأندية لم تعد تعتمد على اللاعب الفلسطيني كما السابق. عموماً، من المتوقّع أن ينخفض معدّل الأهداف في الأسبوع الواحد، وقد لا يتجاوز المجموع العام للأهداف الـ300 هدف.

مشاركة أكبر للشباب
قبل عامٍ واحد، سافرت بعثة منتخب لبنان الأولمبي إلى السعودية للمشاركة في تصفيات كأس آسيا. لم تضم البعثة حينها سوى لاعبٍ واحدٍ في مركز قلب الدفاع، الأمر الذي أكَّد فكرة أن الأندية قد تعتمد في المستقبل على لاعبيَن أجنبيين في خط الوسط، بدلاً من اعتماد معظمهما في كل موسمٍ على لاعبٍ واحد، رفقة آخرٍ لبناني. عموماً، غياب اللاعبين في هذا المركز تحديداً لم يكن المشكلة الوحيدة، إذ كان واضحاً أن قلة اعتماد بعض الفرق على الشباب في مباريات الدرجة الأولى، ستكبّد المنتخبات الوطنيّة خساراتٍ كبيرة، وستنسحب هذه الخسارة إلى الأندية عينها لاحقاً. تدخُّل الاتحاد كان بفرض مشاركة لاعبين دون 23 عاماً مع الفرق لعدد دقائق معيّن، إلا أن هذا القرار لم يُطبّق بسبب توقّف النشاط الكروي. في ظل غياب الأجانب المتوقّع عن البطولة في الموسم المقبل، تُنتظر مشاركة كبيرة للاعبين الشباب، خاصةً في حال لم تتعاقد الأندية مع لاعبين جُدد، معتمدةً على ترفيع اللاعبين من فرق الفئات العمرية.
مما لا شك فيه أن في هذا الأمر إيجابية، تكمن في مشاركة وجوه جديدة، وإعطاء وقت أكبر للاعبين صغار السن يعرفهم الجمهور، لكن حتّى تستفيد الكرة اللبنانية فعلاً من هذا الأمر، يجب أن تكون هناك استمرارية في تقديم الفرص لهؤلاء اللاعبين، وعدم التخلّي عنهم في حال قلّة النجاح خلال الأسابيع الأولى من البطولة المقبلة.
الاستمرارية، تعني إعطاء الفرصة لهؤلاء إلى ما بعد موسم 2020-2021، إذ أن ثمّة العديد من المواهب الشابة التي قدّمت نفسها بشكلٍ مقبول في موسمٍ واحد، وغُيّبت لاحقاً.