تسعى الدول الأوروبية، جاهدة، في الحفاظ على الاتفاق النووي الموقع مع إيران، لكن من دون دفع الثمن الذي لا بد أن يمرّ من بوابة تحدي العقوبات الأميركية. فصل جديد من المفاوضات، يدشنه اليوم الموفد الفرنسي الذي وصل أمس إلى طهران، من دون ظهور أي بوادر حل سريعة سوى جرعات التهدئة التي لا يمكن أن تضمن أكثر من تأجيل موت الاتفاق. لكن الفارق إقرار فرنسي بالعجز، وبأن المشكلة لا تُحل إلا بحوار أميركي إيراني، ليتحوّل الأوروبيون إلى وسيط بين الجانبين هذه المرة، تجنباً للطرق الالتفافية المسدودة. والتعبير الأفضل عن الحالة بين الطرفين، لخّصه مسؤول أوروبي لوكالة «فرانس برس»، طلب عدم كشف اسمه، بالقول: «نشتري الوقت، وكذلك يفعل الإيرانيون»، داعياً إلى «إعادة إيران إلى الطريق الصحيح لقاء إجراء أميركي رمزي»، وهو طرح تكرر كذلك على لسان وزير الخارجية الفرنسي.وحول زيارة مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إيمانويل بون لطهران، أشار وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى أن مهمّة بون «محاولة فتح مساحة للنقاش لتجنب تصعيد بلا ضوابط، بل حتى لتجنّب حادث»، داعياً الأميركيين إلى القيام بـ«مبادرات التهدئة الضرورية». ورأى لودريان أن الإجراءات الإيرانية النووية «تجاوز طفيف» للالتزامات و«ليست تجاوزات بمستوى القطيعة». ليس واضحاً بعد إذا ما كان التحرك الفرنسي ينطلق من عرض أميركي، أو من مبادرة من الإليزيه لجسّ نبض طهران حول الحد الأدنى المقبول لديها.
ومن المقرر أن يلتقي بون، اليوم، بالأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، الذي التقى أمس مندوب الرئيس الروسي الخاص، ألكسندر لافرونتيف. الأخير برر من طهران الإجراءات الإيرانية، معتبراً أنه « لا يمكن التوقع من طهران أن تبقى بصورة أحادية ومن دون الحصول على حقوقها القانونية في الاتفاق النووي، فيما لا تنفذ الدول الأخرى التزاماتها»، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية.
بيان الترويكا والاتحاد الأوروبي: يجب عقد لجنة مشتركة على وجه السرعة


بموازاة المسعى الدبلوماسي، وبعد أيام على مشاورات أوروبية حثيثة، قررت الترويكا (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) الرد على خطوة إيران نحو التخفف من التزامات الاتفاق النووي عبر رفع نسبة تخصيب اليورانيوم، معلنة أنها ستلجأ إلى آلية فض النزاعات المنصوص عليها في الاتفاق. الإعلان الأوروبي، الذي يمثل بداية لمسار قانوني يفتح الباب على احتمال إعادة العقوبات عبر مجلس الأمن الدولي، بدا محاولة ضغط على طهران لإشعارها بأن انتهاك الاتفاق سيكون مكلفاً.
وشدد بيان وزراء خارجية الترويكا المشترك مع الاتحاد الأوروبي على ضرورة أن تتراجع إيران عن أنشطتها «والعودة فوراً للالتزام التام بالاتفاق»، مشيراً إلى أن «هذه القضايا المتعلقة بالالتزام لا بد من تناولها داخل إطار خطة العمل الشاملة المشتركة، ويجب عقد لجنة مشتركة على وجه السرعة». واللجنة المشتركة المذكورة، التي تتكون من ممثلي جميع الموقعين على الاتفاق، تُعَدّ أول خطوة في المسار القانوني الذي تحدده آلية فضّ النزاعات في الاتفاق.