أعدّت قناة «الجزيرة»، بفضل نجاح أحد صحافييها باختراق اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأميركية، فيلماً وثائقياً مهمّاً عن عمل اللوبي الإسرائيلي فيها وأنشطته المتعددة، التي يقع بعضها تحت طائلة الملاحقة القانونية. لكن انفجار الأزمة السعودية ـــ القطرية في صيف عام 2017 وانحياز الرئيس دونالد ترامب وزوج ابنته جارد كوشنر، التلقائي والكامل إلى السعودية، دفعا الطرف القطري إلى طلب مساعدة اللوبي الإسرائيلي للقيام بحملة سياسية وإعلامية دفاعاً عن قطر، مقابل تبرّعات لعدد من منظمات هذا اللوبي وتعهّد بعدم بثّ هذا الفيلم الذي أُنجز إعداده في الفترة نفسها.يكشف الفيلم توجساً اسرائيلياً حقيقياً من تدهور صورة اسرائيل وسمعتها في أوساط قطاعات متزايدة من الرأي العام الأميركي، خاصة بين طلبة الجامعات، بفعل نشاط حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات (BDS). معقل التهديد الرئيسي بنظر الحكومة الإسرائيلية هو الجامعات، «مراكز صنع نخب الغد»، التي بات فيها لحركة المقاطعة أنصار كثر. لمواجهة هذا التهديد، أنشأت الحكومة الإسرائيلية وزارة جديدة، وزارة الشؤون الاستراتيجية، التي تتلخص وظيفتها في الإدارة والإشراف المباشر على حرب حقيقية سياسية وإعلامية ضد المتضامنين مع فلسطين. تستند هذه الحرب إلى قناعة القيّمين عليها بعدم جدوى اعتماد استراتيجية دفاعية عن إسرائيل في مواجهة خصومها، بل استراتيجية هجومية تستهدف تشويه سمعة من يجرؤ على نقد إسرائيل وسياساتها، وحتى تهديده في مصادر رزقه إن أمكن.
أدوات الحرب شبكة من المنظمات الصهيونية الموجودة في أميركا ومراكز «أبحاث ودراسات» استُحدِثَت للمشاركة فيها، ومنها مثلاً معهد الدفاع عن الديمقراطية التي تقرّ مديرة الوزارة بأنه يعمل لحسابها، ومجموعات سرية تتجسس على المناضلين المؤيدين لفلسطين وعلى حياتهم المهنية والخاصة، ومن تنشر أسماءهم ومعلومات تفصيلية عنهم على مواقع على الإنترنت والاتصال بالشركات أو المؤسسات التي يعملون لديها للتحذير من مغبة بقائهم في وظائفهم. ويعترف عدد من العاملين في شبكات الحرب الإسرائيلية بأنهم يحصلون على مساعدة مباشرة من الحكومة الإسرائيلية في مجمل العمليات التي ينفذون، بما فيها تأمين حصولهم على أحدث تقنيات التنصت والحرب الإلكترونية والبرامج المعلوماتية. يتضمن الفيلم أيضاً معطيات مهمة عن كيفية شراء هذه الشبكة تأييد أعضاء في الكونغرس ومجلس الشيوخ الأميركيين لإسرائيل، عبر تمويل حملاتهم الانتخابية وأنشطتهم.
حصلت «الأخبار» على الفيلم من جهات صديقة، وهي ستبثّه على موقعها بالاشتراك مع موقع شرق XXI في فرنسا وموقع «إلكترونيك انتفاضة» في الولايات المتحدة.