في صباح الثاني عشر من تموز 2006، نفّذ حزب الله عملية نوعية أسر خلالها جنديين إسرائيليين في خلّة وردة الواقعة بين رامية وعيتا الشعب داخل الأراضي اللبنانية. تضمّن بيان المقاومة الآتي: «تنفيذاً للوعد الذي قطعته على نفسها بإطلاق الأسرى والمعتقلين، قامت المقاومة الإسلامية عند التاسعة وخمس دقائق من صباح اليوم الأربعاء بأسر جنديين إسرائيليين عند الحدود مع فلسطين المحتلة، وتم نقل الأسيرين إلى مكان آمن».ليست هنا الحكاية.
فؤاد السنيورة لم يكتشف أنه صار رئيساً للحكومة اللبنانية إلا في الثاني عشر من تموز 2006. فما أن أعلن حزب الله رسمياً أن مقاتليه أسروا جنديين إسرائيليين، حتى انهالت الاتصالات من كل حدب وصوب في العالم على السراي الحكومي. جورج بوش على الخط. جاك شيراك. كوفي أنان. أنجيلا ميركل. حسني مبارك. عمرو موسى. سعود الفيصل. محمود عباس. الملك الأردني. فجأة، اكتشف السنيورة أنه «مطلوب دولياً وعربياً». شكراً حزب الله. شكراً للحاج عماد مغنية. عندما دخل عليه المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل في السراي ظُهر ذلك اليوم، قال له «هلق حكيني جورج». سأله من تقصد، فأجاب «جورج بوش».
ما قرر أن يتعامى عنه السنيورة في تلك اللحظة أن لبنان ليس بالأهمية التي يعتقدها لمكانته عند «الأمم»، وأن السنيورة نفسه لا يساوي شيئاً في حسابات الدول إلا في اللحظة التي شعر فيها «المجتمع الدولي» أن هناك جندياً إسرائيلياً أو أكثر، قيد الأسر عند مقاومين لبنانيين... وأن اللحظة مواتية لإتمام الانقلاب السياسي (بعد العسكري) على المقاومة.
كان اللقاء متوتراً للغاية بين الخليل والسنيورة، وعندما دخل المعاون السياسي للرئيس نبيه بري علي حسن خليل إلى السراي، ازداد ارتباك رئيس حكومة لبنان. بعد فترة وجيزة، أطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، من إحدى قاعات مسجد الحسنين في حارة حريك، أمام حشد إعلامي لبناني وعربي وأجنبي لكي يعلن تسمية «الوعد الصادق» على عملية الأسر ويقول: «الأسيران لن يعودا إلا بالتفاوض غير المباشر والتبادل لإطلاق الأسرى اللبنانيين». وخاطب الإسرائيليين بقوله: «نحن جاهزون للمواجهة إلى أبعد حد وإذا اختاروا المواجهة فعليهم أن يتوقعوا المفاجآت».
أُسقط سريعاً من يد السنيورة مراده. كان مطلبه من الدقائق الأولى، أن يسلّم حزب الله الأسيرين للدولة اللبنانية. طلب من رئيس الجمهورية العماد إميل لحود الدعوة إلى جلسة استثنائية لمجلس الوزراء في القصر الجمهوري في بعبدا. جاء رئيس الحكومة إلى الجلسة وبيده وصفة كان قد عرضها أمام «الخليلين»: الحكومة اللبنانية لم تكن على علم ولم تكن لتوافق على ما جرى ويجري من أحداث على الحدود الدولية، وهي تستنكر بشدة ردود الفعل الإسرائيلية التي استهدفت وتستهدف المنشآت الحيوية والمدنيين، وهي لذلك تطالب بعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن، وهي تبدي استعدادها للتفاوض، عبر الأمم المتحدة وأصدقاء ثالثين، لمعالجة ما جرى من أحداث وما أدت إليه، وكذلك الأسباب التي كانت أدت إلى ذلك».
في صفحات حرب تموز 2006 السياسية تاريخ مطويّ مبنيّ على النسيان على الطريقة اللبنانية. منذ بدء العدوان الإسرائيلي، دخلت الحكومة في نقاشات أظهرت جانباً من الخلاف العمودي بين ممثلّي الأحزاب فيها.
كان السنيورة وفريقه «الآذاري» يعدّون العدة لتسهيل «الانقلاب السياسي» متكئين على وعود واشنطن وآلة الحرب الإسرائيلية. وإن كانت وثائق «ويكيليكس» قد أماطت اللثام عن الدواخل الحقيقية لبعض أركان قوى 14 آذار حينها، فإن «الأقلية» الوزارية في الحكومة خاضت معركة ضخمة على طاولة فؤاد السنيورة. معركة عنوانها منع إظهار الانقسام أمام الجمهور والتصدي لأي قرارات وتصريحات تتماشى مع طلبات وأوامر واشنطن و«المجتمع الدولي».
«الأخبار» حصلت على محاضر جلسات مجلس الوزراء خلال الحرب، وستنشر تباعاً أهم المداخلات والنقاشات التي دارت خلالها، وكيف تطورّت الآراء خلال الحرب تبعاً للعاملين الميداني والحراك الدولي، وعلى رأسه الأميركي.


هنا عيّنة من مناقشات جلسة 12 تموز الشهيرة:
فؤاد السنيورة: المطلوب من الحكومة أن تصدر بياناً تعلن فيه أنها لم تكن على علم وليست مسؤولة عما جرى، والأمر الثاني أنها حكومة تدين كل ما جرى ويجري من اعتداءات تستهدف المدنيين والمنشآت في لبنان، وبالتالي، نطالب بأن يصار إلى عقد جلسة لمجلس الأمن لبحث هذه الاعتداءات التي تجري، علماً أنّ إسرائيل تقدمّت الآن، بحسب ما علمنا، بشكوى إلى مجلس الأمن، وأيضاً علينا أن نعلن استعداد الحكومة اللبنانية للتفاوض عبر الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل لهذه المسألة، وأيضاً للمشاركة في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الذي سيجري يوم السبت، أنا أتمنى، تأكيداً على التضامن في ما بيننا، أن نحرص على هذا الموقف الموحد، وأن نبتعد عن الخطوات التي لا طائلة منها وتوتر الأجواء، لنستطيع أن نتخطى هذه المسألة، والتالي أنا اعتقد، إذا لم يكن من مانع لديكم، أنا أطلب أيضاً دعوة عاجلة لهيئة الحوار، لأن هذا الموضوع في غاية الأهمية ويتطلب من كل المسؤولين عن البلد أن يتحملوا أيضاً مسؤوليتهم.
محمد فنيش: أنا موافق على النتيجة، وأن نظهّر وحدة موقفنا أمام هذه التطورات، ولكن أريد التوضيح، أولاً، إن الحكومة لم تكن على علم بما جرى ويجري، نقطة ثانية إدانة الاعتداءات وطلب شكوى لمجلس الأمن، ما هي النقطة الثالثة؟
أمين عام مجلس الوزراء (الراحل) سهيل بوجي: دولة الرئيس طرح 5 نقاط، 1 – إن الحكومة لم تكن على علم وليست مسؤولة عما جرى...
قاطعه السنيورة: ويجري.
بوجي: ويجري، 2 – الحكومة تدين كل الاعتداءات الإسرائيلية واستهداف المدنيين والمنشآت، 3 – تطلب عقد جلسة لمجلس الأمن، علماً أن إسرائيل تقدمت بشكوى إلى المجلس، 4 – استعداد الحكومة اللبنانية للتفاوض عبر الأمم المتحدة لحل المشكلة، 5 – المشاركة باجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد يوم السبت، ثم طلب دعوة هيئة الحوار للانعقاد للطلب من كل المسؤولين تحمل المسؤولية.
فنيش: استعداد الحكومة اللبنانية للتفاوض عبر الأمم المتحدة حول ماذا؟
السنيورة: حول موضوع الأسرى. نريد أن نجد حلاً لهذه المشكلة.
فنيش: المقصود فيه أن هناك أسرى للطرفين.
طراد حمادة: حل مشكلة الأسرى.
فنيش: أنا أعتقد أن البعض يتصرف كأننا أصبحنا محايدين


السنيورة: نحن نريد أن نهتم بأنفسنا، قضيتنا وكل تفكيرنا قومي، ولكن لدينا الآن مشكلة بالساعات، نحن لا نريد أن نتخذ مواقف فقط. بالنهاية جميعنا وطنيون، ولا نريد أن نزايد على بعضنا البعض، ولكن يجب أن نتصرف بشكل عاقل وأمامنا اللبنانيون ومستقبلهم، أمامنا حكومة إسرائيلية تبحث عن أي نوع من أنواع الانتصار، وهذا الانتصار لن يكون إلا عن طريق الانتقام، لديهم 7 قتلى و11 جريحاً و2 مفقودين، ليس لديهم أي خيار إلا الدخول بعمليات انتقامية، يا إخوان، غزة مُسحَت، ومن المفارقات أن لا أحد يتكلم بالقتلى، بعدد الأسرى، النواب والوزراء الفلسطينيين المعتقلين، لا أحد يتكلم عن ذلك، يتكلمون بالأسير (الإسرائيلي)، نريد أن نتصرف بدرجة عالية من العقل لنحمي البلد من المخاطر غير المحسوبة التي دخلت البلد فيها، مخاطر غير محسوبة على الإطلاق.
فنيش: أنا اعتقد أن البعض يتصرف كأننا أصحبنا محايدين. هناك قضية معتقلين من الأصل، بالموقف من الحكومة اللبنانية، أن هناك قضية معتقلين، الاحتلال الإسرائيلي يتحمل مسؤوليتها، لماذا نتهرب من تحميل الإسرائيلي مسؤولية توتر الأوضاع وتداعياتها ، لماذا لا نشير إلى هذه النقطة بالذات، إن قضية المعتقلين والأسرى اللبنانيين تسببت بردود الفعل، ما المانع؟
السنيورة: يجب أن نفكر فقط أننا في لبنان. علينا أن نفكر أيضاً بقدر ما نستطيع. موضوع المعتقلين، مر عليهم 30 سنة وهم معتقلون، كلهم يعلمون، إلى ماذا يوصلنا هذا الشعار؟
فنيش مقاطعاً: كلا، هذا موضوع مختلف، أريد أن أتمنى عليك دولة الرئيس
السنيورة: دعني أكمل (متوجهاً إلى فنيش)، أدخلنا قضية المحتجزين بغزة وبالضفة الغربية، أدخلناها مع قضيتنا، ماذا نفعل؟ جيد لا مشكلة لدي، نتخذ قراراً بأن يكون هذا البلد بلداً مقاتلاً، لا مشكلة لدي، حسناً، معنى ذلك أن لا أحد منا يلام لاحقاً على ماذا يحصل وماذا يدمر، كلنا على استعداد أن نكون مقاتلين، حسناً لا مشكلة، أما أنه لا يمكننا أن نقوم بذلك، حتى بوعد ذلك، نقول أن نحاسب على هذه وتلك انتهى، تريد أن تقاتل، نقاتل جميعاً، كلنا أرض محروقة، نقوم بذلك، بهذا الموضوع يجب أن نكون حريصين حتى لا نورط البلد زيادة، نريد أن نورط البلد، نتخذ قراراً ونتحمل مسؤولية، ولا أحد يقول لا.
فنيش: لا شك عندي دولة الرئيس في إرادتك بالمقاومة، أعلم جيداً التصميم الذي لديك، وأنا لم أدعُ إلى أن يكون البلد بأكمله مقاتلاً وأن نعتمد سياسة الأرض المحروقة، نتناقش مع بعضنا بصبر وأن يفهم كل واحد منا رأي الآخر، لا هذه ولا تلك، ولا أن أحداً يزايد على الآخر بوطنيته، ولا أحد يريد أن يزج البلد بقضايا لا علاقة لها بالقضايا الوطنية، لا أحد يشك بوطنية الآخر، ولا أحد لديه مشروع بأن يزج البلد بقضايا لا علاقة لها بالقضايا الوطنية، بهذه الحدود يجب أن نسير سوياً لنصل إلى تفاهم كمجلس وزراء. الإسرائيلي يتحمل مسؤولية عما يجري في لبنان لأنه لم يقبل بحل قضية المعتقلين والأسرى، لا عبر الأمم المتحدة ولا عبر الوسطاء، ولا عبر التبادل، ولا عبر كل الوعود التي أعطيت للبنان. بالتالي، لا يمكننا التنكر لهذه المسؤولية الإسرائيلية.
السنيورة تلا اقتراحه: إن الحكومة اللبنانية لم تكن على علم ولم توافق على ما جرى ويجري من أحداث على الحدود الدولية، وهي تستنكر بشدة ردود الفعل الإسرائيلية التي استهدفت وتستهدف المنشآت الحيوية والمدنيين، وهي لذلك تطالب بعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن لتناول ومعالجة هذه الاعتداءات، وهي تبدي استعدادها للتفاوض، عبر الأمم المتحدة وأصدقاء ثالثين لمعالجة ما جرى من أحداث وما أدت إليه، وكذلك الأسباب التي كانت وراء ذلك، أو التي أدت إلى ذلك.
نائلة معوض: ولكن الحاج (تقصد فنيش) سأل ما هو المقصود بالمفاوضات.
السنيورة: مفاوضات عبر الأمم المتحدة.
معوض: ماذا سنأخذ وماذا سنقدم؟
السنيورة: نستطيع أن نقدم هؤلاء (الأسيران الإسرائيليان) لقاء الأسرى اللبنانيين الذين نطالب بهم.
أحمد فتفت: دولة الرئيس تقول إن الحكومة تبدي استعدادها في الوقت ذاته لم تكن على علم ولا توافق، ستفاوض باسم من؟
فنيش: نحن على طاولة الحوار، قلنا إن المقاومة تقوم بعمليات تذكيرية، ولا تزال المقاومة تقوم بعمليات تذكيرية، لأن العمل الذي تقوم به هو تذكير بقضية أسرى ومعتقلين، المقصود من الكلام التذكيري أننا لا نحاول تحرير فلسطين، ولا نتطلع إلى عمليات أبعد من موضوع حقوقنا الوطنية، سواء بالأرض أو بقضية الأسرى والمعتقلين، والعمليات ليست يومية، تذكيرية بمعنى أنها عمليات بإيقاع معين، السؤال عن التوقيت، أعتقد أن المتابع يعلم أن هذه المحاولة هي رقم 10 أو 11 لأسر جنود إسرائيليين، ليس من الآن بل، من أشهر، وكان هناك شي سابقاً في الغجر، وكنا على علم بها، وكان هدفها واضح، وهو أسر جنود إسرائيليين، والعملية لم تنجح، وأيضاً قبل ذلك وبعد ذلك حدث شيء من هذا النوع، إذن التوقيت ليس مرتبطاً لا بمسألة سياسية أو مسألة أهداف قامت المقاومة بتوقيتها.
التوقيت مرتبط بظرف ميداني، لا أكثر ولا أقل، حتى لا نحمل الموضوع أكثر من ذلك، أيضاً على طاولة الحوار، أريد معاودة التأكيد نحن عندما كنا نتناقش على طاولة الحوار، لا أحد منا قال إنه ضد موضوع تواجد الجيش في الجنوب، تذكرون هذا الكلام على طاولة الحوار، والجيش الموجود في الجنوب اليوم من حيث العدد والعتاد أكبر أضعاف مما تسمح به اتفاقية الهدنة، وليس هذا المطلوب إسرائيلياً، لا أحد منا ضد دخول الجيش. ما نرفضه هو أن يكون الجيش حاجزاً بين المقاومة وبين الجيش الإسرائيلي، هذا هو المرفوض، أما وجود الجيش وتعزيزه والقيام بدوره دائماً نقول المقاومة ليست بديلاً عن الجيش، بل تتكامل مع الجيش.

السنيورة: أدخلنا قضية المحتجزين بغزة وبالضفة الغربية مع قضيتنا، ماذا نفعل؟


السنيورة: الموضوع ليس أن نصلي على من توفوا، الآن نذهب ونصلي عليهم 100 صلاة، ولكني أخاف على الذين سيكونون ضحايا.
فنيش: ونحن كذلك. الحكومة لم تكن على علم وليست مسؤولة هذه صيغة أفهمها ومقبولة، أما الحكومة لم تكن على علم ولم تكن لتوافق، فهذا موقف سياسي من المقاومة دولة الرئيس، أي إظهار الخلاف مع المقاومة، وأنا بالتأكيد لا أرتضي أن تكون الحكومة تظهر هذا الموقف، ليست مسؤولة أفهمها، وهذا صحيح، عمل المقاومة شيء وعمل الدولة اللبنانية شيء آخر. إذا أردنا أن نصر على هذا النص فأنا لا أقبله، أرفضه وأعتبره موقفاً من الحكومة تجاه المقاومة.
السنيورة: محمد (فنيش) أنا أقوم بهذا الموضوع...
محمد الصفدي: كيف يعني؟
فنيش: دعني أقول نقطة، تستنكر الحكومة بشدة ردود الفعل، كلا، هذه ليست ردود فعل إسرائيلية، هناك عدوان إسرائيلي.
السنيورة: حسناً، حسناً، لا مشكلة.
فنيش: يجب استنكار الاعتداءات الإسرائيلية بشدة، هي ليست مجرد رد فعل.
السنيورة: حسناً.
فنيش: إذا أردنا المناقشة، أولاً «لم تكن توافق» ليست الصيغة المناسبة، «ليست مسؤولة» موافق، الحكومة ليست مسؤولة، نتكلم عن موقف سياسي. أنا أناقش لأنني لا أريد أن تتحمل الدولة المسؤولية، أما لم تكن لتوافق فهذا موقف من المقاومة.
محمد الصفدي: إذن نحن مسؤولون عن ماذا؟
الرئيس اميل لحود: لنقرأ النص بهدوء.
السنيورة: لم تكن لتوافق، لأن هذا الموضوع فعلياً لم يعرض علينا، ونحن لم نكن لنوافق، وليس معنى ذلك أن تأخذ هذا الكلام أنني ضد المقاومة انتبه يا محمد.
فنيش: هذا مفهوم بالسياسة وليس بالنوايا، نتكلم عن مدلول سياسي هنا، نتكلم عن بيان سيصدر عن مجلس وزراء له مدلول سياسي.
السنيورة: علينا أن نزين الأمور بالكلمة. توجد جلسة لمجلس الأمن، وبالتالي هؤلاء الجماعة الإسرائيليين يبدون كأنهم ينتظرون ليعقدوا جلسة بحسب ما قيل عند الساعة السابعة، المهم نحن علينا أن ننتبه. عبارات لا تؤثر في موقفنا من المقاومة لأن السيد (نصرالله) كان يقول إنه ليس لديهم إلا عمليات تذكيرية، وأنت كنت حاضراً بالجلسات (هيئة الحوار).
فنيش: شرحنا وقلنا أننا لا زلنا في إطار العمليات التذكيرية، لم نخرج عنها.
السنيورة: ليست تذكيرية هذه حرب.
فنيش: تذكيرية بقضية معتقلين وأسرى.
السنيورة: هذه ليست تذكيرية يا محمد (فنيش). هذه حرب.
فنيش: نحن لم نفتح حرباً مع الإسرائيليين هناك إمكانية لفتح حرب منهم.
السنيورة: حسناً، أقول أن هناك إمكانية.
جوزف سركيس: ونحن لدينا إمكانية لفتح حرب مع قبرص، هذا غير منطقي.
فنيش: ولكن هذا عدو محتل أرضنا.
طراد حمادة: نحن قدمنا نصاً من خمس نقاط، وإنما اختلف النص عن النقاط الخمس للرئيس فؤاد السنيورة: نعيد الصياغة ولكن الفكرة ما زالت هي ذاتها، نقول إن الحكومة اللبنانية لم تكن على علم ولكن لا ضرورة لعبارة لم تكن لتوافق على ما جرى ويجري.
اميل لحود: نكتفي بالقول لم تكن تعلم.
السنيورة: هذه العبارة مؤداها أن الحكومة موافقة، لم تكن على علم، ولكن موافقة. لا أحد يضغط على أحد، ولكن واجبي أن أنقل لكم بصدق ما يجري من اتصالات بالعالم، اتصل بي الإسباني والفرنسي، والجميع يقول لنا انتبهوا.
محمد جواد خليفة: هل لديهم اقتراح معين، ماذا يقولون؟
السنيورة: يقولون إنه علينا استنكار هذا الاعتداء، أنا لا أريد أن استعمل عبارة استنكار، يريدون أنه to condemn هذا الذي جرى.
محمد جواد خليفة: لنصيغها بالطريقة المعقولة.
فنيش: أعتقد أنه يمكننا التفاهم على المضمون ولكن لنبحث عن الصياغة، أنا لا أريد تحميل الحكومة اللبنانية مسؤولية عمل المقاومة.
السنيورة: جيد.
فنيش: ولكن ما هي الصيغة، وبذات الوقت، لا أريد إعطاء العدوان الإسرائيلي مبرراً، عليّ أن أنتبه، بالسياسة، أن لا يعتبر الإسرائيلي أيضاً أنه لا مشكلة لديه مع الحكومة اللبنانية، بل مع فئة من اللبنانيين، هذا معناه رفع غطاء (عن المقاومة).
السنيورة: كل عمرها المقاومة منفصلة عن الدولة اللبنانية، هذا أمر نحرص عليه، وإلا يا إخوان، نحن الآن عندئذ نتهم أننا قمنا باعتداء، هذه مسألة لها تداعياتها الفورية.
فنيش: متفقون على ذلك.
وفي محصلة المداولات، صدرت الصيغة المقبولة من الجميع:
إن الحكومة اللبنانية لم تكن على علم وهي لا تتحمّل مسؤولية ما جرى ويجري من أحداث على الحدود الدولية، وهي تستنكر بشدة العدوان الإسرائيلي الذي استهدف المنشآت الحيوية والمدنيين، وهي تطالب بجلسة عاجلة لمجلس الأمن لمعالجة هذه الاعتداءات، وتبدي استعدادها للتفاوض عبر الأمم المتحدة وأصدقاء ثابتين لمعالجة ما جرى من أحداث، وما أدت إليه الأسباب التي دعت إلى ذلك».



جعجع... هكذا ننزع السلاح
في اليوم الأول من الحرب، صرّح رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع بأنه «ليس من الجائز أن يرهن فريق لبناني مصير كل الشعب بقرار منه... ومهما كانت المواقف الخارجية والتطورات السياسية، فإن الرهان الأساسي يجب أن يكون على وحدة اللبنانيين التي لا تتحقق إلا إذا كانت الخيارات بيد مجلس الوزراء».
هذا التصريح «الملطّف» فحواه في ما كشفته وثائق «ويكيليكس» (رقم البرقية: 06BEIRUT2471) عن لقاء في 25 تموز 2006 مع السفير الأميركي جيفري فيلتمان. «الحكيم» رأى أن أي «وقف فارغ لإطلاق النار من النوع الذي لا ينزع سلاح حزب الله، سيؤدي حتماً إلى تجدُّد النزاع». وفي ما يتعلق باقتراح نشر قوة متعدّدة الجنسيات (حسب فيلتمان)، دعم جعجع الفكرة «دعماً كاملاً»، وأوضح أنّ «مفتاح تفكيك حزب الله كقوة عسكرية، يكمن في تحويله إلى مشكلة داخلية، وذلك من خلال إظهاره للشعب اللبناني على أنه التهديد الذي تسبّب بالكثير من الدمار لبلدهم. إنّ النتائج السياسية لهذا الضغط، بالاضافة إلى قضم الجيش الإسرائيلي لقدراته العسكرية، هي المسار الوحيد الذي يفيد في نزع سلاحه».

أفكار جعجع الخلّاقة كان قد طرح ما يوصل إليها في جلسة الحوار الوطني في 8 حزيران 2006، وهنا يروي الوزير علي حسن خليل، في كتابه «صفحات مجهولة من حرب تموز 2006»، ما جاء حرفياً على لسان جعجع في هذه الجلسة، رداً على مطالعة السيد حسن نصرالله حول الاستراتيجية الدفاعية. يقول جعجع: «نقطة الارتكاز عند السيد حسن أن السلاح بيد حزب الله يشكّل نوعاً من توازن الرعب ويردع إسرائيل، وهذا افتراض غير واقعي. لم يعد سراً الحديث عن ضربة إسرائيلية قريبة. النقاش في الأوساط العسكرية الإسرائيلية هو هل نضرب على البارد أم ننتظر حدثاً ما؟ أعتقد أن العملية أصبحت بالجيبة حتى ولو كان معلوماً أنهم سيدفعون ثمناً ما. الحل يكون بطلب قوات دولية، 25 ألف جندي معززين بتغطية جوية، وهذه القوات ليست «أبو ملحم». ففي كوسوفو، الصرب لا يستطيعون العودة. قوات دولية لديها أوامر بمهمات قتالية على الجهتين، وتعطى طائرات وزوارق. لنستفد من الفرصة والبدل المعنوي للسلاح، حتى لا يحصل هذا نتيجة حرب».