يخوض التيار الوطني الحر في الحادي والثلاثين من شهر تموز المقبل المرحلة الأولى من انتخاباته الداخلية لاختيار مرشحيه الى الانتخابات النيابية. هي المرة الأولى التي ينتخب فيها التيار المرشحين، ليتفوق بذلك ــ بعد انتخابات الهيئات المحلية ومجالس الأقضية ــ على كل الأحزاب اللبنانية من منطلق الديمقراطية المعتمدة في آلية الانتخاب. فلا الكتائب ولا القوات ولا تيار المستقبل أو حزب الله وحركة أمل والحزب الاشتراكي وغيرهم يكلفون أنفسهم عناء استصراح القاعدة الحزبية والشعبية قبيل اختيار نوابهم.قبل تحوّل التيار الوطني الحر الى حزب، دأب النائب ميشال عون على عدم خذلان أحد. كان يردّد على مسمع كل من يفاتحه برغبته في الترشح: "روح اشتغل". وعليه، اكتظت الأقضية بعشرات المرشحين الطامحين، لاعتقادهم أن كلام عون هو بمثابة تبنّ رسمي، قبل أن يفاجأ بعضهم مع اقتراب موعد الانتخابات بعدم التفات الرابية اليه. رغم ذلك، بالغ كثيرون في التفاؤل، والغالبية لم توقف "شغلها" منذ 10 سنوات، علّه يأتي اليوم المجيد. وفعلياً، هذا اليوم قد أتى أخيراً، وحلّت ساعة "تقريش الشغل" وترجمته أصواتاً على أرض الواقع؛ فالبقاء للأقوى. تمر آلية الانتخاب، بحسب تصريح نائب رئيس التيار رومل صابر لـ"الأخبار" بثلاث مراحل:
1ــ الانتخابات الداخلية التي يقرر فيها المحازبون هوية مرشحهم، والنظام المعتمد هنا هو الاقتراع وفق "النسبية الفردية" أو one man one vote. يطبّق هذا النظام بحسب الأقضية المعتمدة في قانون الستين، حيث سينتخب كل حزبي مرشحاً واحداً في دائرته الانتخابية مهما بلغ عدد المرشحين وبصرف النظر عن طائفته. يفوز في هذه المرحلة حدّ أقصى من المرشحين بنسبة 1,5 من عدد المقاعد المخصصة لكل مذهب؛ فمثلاً في المتن الشمالي يفترض أن يفوز 6 مرشحين موارنة (4*1.5) و3 أرثوذكس (2*1.5) و2 كاثوليك. ويُطلب من كل مرشح تأمين عدد أصوات معين هو نسبة الثلث من الحاصل الانتخابي لكل دائرة انتخابية، أي يقسم عدد المقترعين على عدد المرشحين وتعتمد ثلث النتيجة كمعدل للانتقال الى المرحلة الثانية. على سبيل المثال، مهما بلغ عدد المرشحين في كسروان، واقترع ألفا شخص، يقسم عدد الأصوات على عدد المقاعد (2000 / 5 = 400). هكذا يكون على المرشح تأمين ثلث الـ400 للنجاح أي 133 صوتاً. اشارة هنا الى أنه لا يعتمد مبدأ التزكية حتى في حال عدم تأمين نسبة 1.5 من المقاعد، إلا إذا كان هناك مرشح واحد عن كل الدائرة الانتخابية.
2- الاستفتاء الشعبي الذي تقوم به عدة شركات لاستطلاع آراء ناخبي كل قضاء على حدة، بشأن المرشحين الناجحين في المرحلة الأولى. ويشمل الاستطلاع عينة من جميع ناخبي القضاء، لا مناصري التيار وحدهم. ويجري ذلك بين تشرين الثاني وكانون الأول بين المرشحين الناجحين في الاختبار الأول.
3- بعد غربلة المرشحين وتصنيفهم تراتبياً، تدرس لجنة الانتخابات التي يرأسها أمين سر التيار إبراهيم السمراني النتيجة الأخيرة لتعرضها على الرئيس والمكتب السياسي.
ووفق التعميم الذي أصدره رئيس التيار جبران باسيل، فإن استطلاع رأي آخر ينجزه هو بعد إقرار القانون الانتخابي وبعد إعلان المرشحين وقبل إجراء الانتخابات بفترة تسمح بتصنيف مرشحي التيار مقابل المرشحين الآخرين، لكي يتم اختيار المرشحين النهائيين وفق التحالفات الانتخابية، وذلك بقرار سياسي من التيار ورئيسه.
تجرى الانتخابات الداخلية في 31 تموز، أي بعد نحو شهر واحد من الآن، ويقفل باب الترشيحات في 15 من الشهر المقبل. غير أن ذلك لا يعني أن كل حزبي هو مشروع مرشح، إذ على الطامح أن يجتاز مجموعة شروط في امتحان لجنة القبول التي يرأسها فخرياً النائب ميشال عون والى جانبه اللواء نديم لطيف والعميد الركن المتقاعد بولس مطر وأمين سر التيار إبراهيم السمراني والمحامي عصام مالك. وأبرز الشروط: الانتساب الى التيار منذ أكثر من سنتين، حيازة إجازة جامعية معترف بها من وزارة التربية، لا شوائب مسلكية أو إدارية عليه، تجاوز الثلاثين من العمر، أن يكون ذا سمعة طيبة ويتمتع بكفاءة قيادية وتسلم بنجاح مناصب في التيار. ورغم وضوح الشروط عامة، يبقى الشرط الأخير فضفاضاً بعض الشيء ويحتمل التأويل، إذ حتى الساعة لم يتضح للحزبيين الذين لم يتسلموا مناصب سابقة إذا ما كان ترشحهم مقبولا أو لا. وفي حال تم قبولهم كمرشحين، عليهم المساهمة بتحمّل مصاريف الانتخابات، بما فيها كل مصاريف الانتخابات التمهيدية الداخلية.
من ناحية أخرى، للقانون وجهان. فمن جهة يحصي ما للمرشح وما عليه، ينصف القوي الذي أنجز دروسه كاملة، ويفضح الضعيف الذي تم تعيينه وإلباسه حلة تتجاوز قياسه الحقيقي. والأهم أنه يسمح للقاعدة الحزبية بإيصال مرشح ــ فكرة أو رسالة ومعاقبة من خذل توقعاتها. ومن جهة أخرى، لا تكافؤ للفرص بين مرشح مبتدئ ونائب أو وزير له في العمل السياسي والحزبي والشعبي صولات وجولات. ويتخوف البعض من أن تكرس هذه الطريقة في الانتخاب، أي one man one vote، الانقسام الذي بدأ عند تعيين رئيس الحزب وتوسع عند انتخاب الهيئات المحلية وتفجّر علانية خلال الانتخابات البلدية، إذ إن هذا النظام لا يسمح للمرشحين بالتعاون، بل يحثّهم على محاربة بعضهم بعضاً وتحريض الحزبيين كلّ على الآخر.