طوال سنوات كان المخرج لوسيان بو رجيلي يتخيل أن الكاميرا هي وسيلته الوحيدة لتحدي القيود والحواجز التي تفرض على حرية الرأي والتعبير. وهو ركز على العمل الفني، لينتج أكثر من عشرين مسرحية و8 أفلام تتمحور حول الفساد والحريات والظروف الاجتماعية والسياسية التي يشهدها لبنان والمنطقة. وكانت الكاميرا كافية بالنسبة إليه، فلم يفكر يوماً في الانتساب إلى حزب. فالأحزاب جميعها تقوم بنظره على الوصول إلى السلطة بأية وسيلة واغتصاب الحقوق العامة وتعميم الفساد. وهذه العناوين نفسها دفعته أخيراً إلى النزول عن خشبة مسرحه إلى الشارع.
في الشارع، لم يشارك بو رجيلي في حراك "طلعت ريحتكم" المطالب بحلول بيئية جذرية لملف النفايات بصفته مخرجاً أو شخصية فنية معروفة، بل كمواطن غاضب من انتهاك السلطة لحقوقه وشاهد على الفساد الذي حوّل وطنه إلى "بلد تحكمه الزبالة". أما عن الحملة، فيؤكد بو رجيلي أنها أداة في يد الشعب اللبناني لإيصال صوته المندد بالفساد بنبرة أعلى وبشكل أكثر وضوحاً. الشاب الحائز درجة الماجيستير في صناعة الأفلام من جامعة Loyola Marymount في لوس أنجلوس، اختارته CNN واحداً من أهم ثمانية روّاد للثقافة في الساحة الفنية المعاصرة في لبنان. وهو ابتكر المسرح التفاعلي في الشرق الأوسط، علماً بأنه اعتقل من قبل حرس مجلس الوزراء في 19 آب 2015 المصادف يوم عيد ميلاده، وضُرب بعنف من قبل قوى مكافحة الشغب بسبب تظاهره السلمي في مكتب وزارة البيئة في الأول من أيلول. وكان لبو رجيلي محطات سابقة مع السلطات اللبنانية، تجلّت بمنع الأمن العام عرضه مسرحية من إخراجه بعنوان "بتقطع أو ما بتقطع" عام 2013، بحجة عدم صحّة الحقائق التي وردت فيها واستفزازها للأمن العام. وقد اتهم بو رجيلي الأمن العام لاحقاً بمصادرة جواز سفره لمنعه من السفر، قبل أن يعطى جواز السفر "بفضل احتجاج الرأي العام وضغطه على السلطات". وتجدر الإشارة أخيراً إلى المخرج الحائز جائزة International Young Performing Arts Entrepreneur award عام 2009 وجائزة أفضل مخرج ضمن مهرجان بيروت السينمائي الدولي عام 2008 يرى أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لا السياسية فقط أو الاقتصادية فقط، تحتم على الشباب النضال لتأمين أبسط مقومات الحياة، خصوصاً أن المسؤولين يرون أن الرأي العام يؤيدهم لأسباب سياسية، وهم غير مضطرين إلى تقديم أي شيء أو احترام القوانين أو أقله القيام بواجباتهم.