عام 2010 أسس بنك عوده وحدة «المسؤولية الاجتماعيّة المؤسساتيّة» التي تعمل وفق استراتيجية واضحة تستند الى 5 ركائز هي: الحوكمة أو الإدارة الرشيدة، النمو الاقتصادي، تطوير المجتمع، التنمية البشرية وحماية البيئة. في هذا الإطار، أعلن المصرف التزامه بالمبادئ العشرة الخاصة بالـ United Nations Global Compact، وبتوجيهات الـ ISO 26000، إضافة إلى ارتكازه على معايير (GRI)Global Reporting Initiative في ما يختص بتقرير المسؤولية الاجتماعيّة الذي يصدره سنوياً. وتعهد البنك، أيضاً ــــ بتطبيق 5 من أهداف التنمية المستدامة التي تبنتها الأمم المتحدة عام 2015، وهي: العمل اللائق والنمو الاقتصادي والصناعة والابتكار والبنية التحتية والتعليم الجيد والمساواة بين الجنسين والعمل على تحسين المناخ.

اهتمام بالفعل
تشدد مديرة وحدة المسؤولية الاجتماعيّة في بنك عوده، هاسميك الخوري، على أن ما سبق «يبيّن مدى التزام البنك بقضية المسؤولية الاجتماعيّة، وخاصة أن مارك عوده، المدير العام للبنان - بنك عوده ش م ل، يحرص على حضور الاجتماعات الشهرية للجنة المختصة بمتابعة ملف المسؤولية الاجتماعيّة».
وتتجلى أهمية الوحدة والأدوار والمهمات المنوطة بها في الدور الاستشاري والعملي حتى في شؤون مصرفيّة بحتة، كافتتاح فروع جديدة على سبيل المثال. فالمصرف، وفقاً للخوري، «يرى في فروعه امتداداً طبيعياً للمجتمع الذي يحتضنه وليس مجرد مبنى تجرى فيه معاملات ماليّة فقط. وعلى هذا الأساس، تطلب منا الإدارة أن نعدّ دراسة عن المنطقة التي تنوي افتتاح فرع جديد فيها لنقيّم احتياجاتها وما ينقصها، وهذا يشمل حال البنية التحتية فيها، واقع مدارسها وما ينقصها، احتياجات سكانها...».

التغيير يبدأ من البنك
على رغم أن الهدف الأساسي الذي يسعى إليه بنك عوده، سواء قبل تأسيس وحدة المسؤولية الاجتماعية أو بعدها، هو خلق فرق في الوطن ككل، إلا أنه من باب تصالحه مع نفسه يدرك أن التغيير يبدأ من الداخل، وأنه يجب أن يكون ممثلاً أميناً للممارسات الإيجابية التي يرغب في نشرها في المجتمع. من هذا المنطلق، تكشف الخوري أنه في ما يختص بوحدة المسؤولية الاجتماعيّة «فإن المعيار الأساسي الذي نركز عليه قبل توظيف أي شخص هو العقليّة والروحيّة التي يتمتع بها. فالموظفون في هذه الوحدة تسيّرهم الرغبة في إحداث تغيير في المجتمع وفي أن يضعوا بصمة إيجابية في محيطهم الجغرافي والسكاني. وهذه القاعدة تسري في الإجمال على جميع موظفي المصرف. فمع احترامنا لشهاداتهم وكفاءاتهم العلميّة، إلا أننا نحرص على أن يكونوا مثالاً يحتذى به وأفراداً يتمتعون بسيرة طيبة وسلوكيات حسنة». وفي هذا السياق، تلفت الخوري الى أن للبنك برنامجاً تطوعياً شاملاً لموظفيه يعرف بـ«كن بطلاً لمدة نهار» (Be A Hero for a Day) يضم أكثر من 400 شخص من إداريين وموظفين ينشطون في نشاطات مجتمعيّة متعددة، كان آخرها حملة تنظيف الشواطئ.
خصص البنك قروضاً بيئية بقيمة 200 مليون دولار بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية


تؤكد الخوري أن «البنك يخضع كل موظفيه لتدريب مستمر ومتواصل على مفاهيم المسؤولية الاجتماعية، وفي الوقت عينه نحرص على أن نؤمن لهم الظروف المثالية للعمل. وإذا كانت دولة الإمارات قد أوجدت وزارة للسعادة، فنحن، قبل ذلك بزمن، ندرس بشكل علميّ وتقني معيار سعادة موظفينا، من خلال تواصلنا الدائم معهم، واستطلاعات عدة نجريها على مدار العام للوقوف على رأيهم والأخذ بشكاواهم وملاحظاتهم». وفي هذا الإطار، تأتي أحدث مبادرات البنك التي وضعت على السكة وينتظر تطبيقها قريباً، والتي تهدف إلى تحويل الهدر في الطعام في المركز الرئيسي للبنك إلى سماد، «ولهذه الغاية، سنشتري آلة مختصة بإتمام هذه العمليّة. وقد لاقت الخطوة استحساناً كبيراً لدى الموظفين الذين أبدوا رغبة في جلب ما يبقى من طعام في منازلهم لمعالجته».

الأرقام تتكلم
مبادرات بنك عوده في مجال المسؤولية الاجتماعيّة لا تعد ولا تحصى، ومن أبرزها: تشديده على حماية البيئة وهو ما يتجلى بتخصيصه قروضاً بيئية بقيمة 200 مليون دولار بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD. والبنك، بحسب الخوري، يستخدم قدراته في مجال الإقراض لتوعية الشركات وحثّها على احترام المعايير البيئية والإنسانية، إذ «قبل موافقتنا على القرض، نرسل موظفاً للتأكد من مدى الالتزام بهذه المعايير».
ويعدّ الشمول المالي ونشر المعرفة الماليّة عند المواطنين، وبخاصة الشباب والفئات الأضعف، من أولى أولويات البنك. نشاطات البنك في هذا المجال كثيرة، منها «مبادرة Global Money Week الدوليّة التي تهدف إلى تعزيز المعرفة الماليّة بين الشباب، وقد بلغ عدد المستفيدين منها العام الفائت 1600 طالب من مختلف المناطق. كذلك نوفر فرص تدريب لطلاب الجامعات، ونستقبل سنوياً بين 500 و600 متدرب في جميع أقسام البنك. كما أن البنك حريص على الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المواطنين. إذ باتت نسبة فروعه في المناطق الريفية والبعيدة تقارب 25% من مجمل فروعه. ومن باب حرصه على أن يستفيد كل المواطنين من جميع الخدمات التي يوفرها، فإن أكثر من 80% من فروع البنك وصرافاته الآلية متاحة لأصحاب الاحتياجات الخاصة». أما في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، فإن نسبة الإناث من مجمل العاملين في البنك تخطت عتبة 47%، وكثيرات منهن حائزات مواقع قيادية وأساسية في منظومة المصرف الإداريّة.