هذا ينطبق على سيزار محمود الذي استوحى من محيطه وبيئته مشروعاً استثمارياً ناجحاً، يوفر له مدخولاً جيداً ويساهم في الوقت ذاته في خدمة نفسه ومجتمعه اقتصادياً وإنمائياً. بدأت قصته مع بيت مهجور ومهمل يملكه أهله، حوّله إلى بيت للضيافة يقدم لزواره كل ما يفتقدون إليه في المدينة. قد يبدو الأمر سهلاً وبعيداً عن أي ابتكار. لكن صدق أجدادنا حين قالوا «من الموجود جود». فأحياناً يكمن الابتكار في أن تصنع الأفضل مما بين يديك. أدرك سيزار كيف يوائم بين قدراته الذاتية والشخصية وبين مقوّمات المنطقة التي يسكن فيها لكي يصنع منتجاً فريداً من نوعه مع أنه لا يبدو كذلك للوهلة الأولى. فما يراه غيره منطقة نائية وجد فيها سيزار كنزاً لا يقدّر بثمن، وبخاصة لناحية مقوماتها السياحية والبيئية. وبحكم خبرته وعمله في مجال التنمية الريفية التي اكتسبها من عمله في محمية أرز الشوف ولدت لديه فكرة تحويل المنزل إلى بيت ضيافة.
لم ينصح أحد سيزار، بل أخذ زمام المبادرة بيديه. ولكي يصقل معرفته ويطور قدراته شارك في ورشة عمل وتدريب مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان UNDP اكتسب منها المعرفة اللازمة في مجال الإدارة والمبادرة الفردية وكيفية تأسيس مشروع. لم يطلب سيزار من أهله مالاً، بل فقط السماح له باستثمار المنزل المنسي، وهو نجح بتمويل ذاتي منه وقرض بسيط من البنك، في إعادة ترميم المنزل وتجهيزه وإطلاق مشروعه «بيت ضيافة سيزار».
دورات تدريبية للتعلم والتحضير للنجاح


لا يكتفي «بيت ضيافة سيزار» بتوفير المنامة للزوار، في بيئة هادئة وطبيعة خلابة، بل يمنحهم تجربة متكاملة تتيح لهم اكتشاف الحياة الريفية عن كثب، والتعرف إلى ثقافة وتراث المنطقة والأكل من خيرات الأرض وما تنتجه.
لم يبحث سيزار عن قروض ضخمة، لم يسع لبناء فندق أو تأسيس شركة كبيرة، ليس بسبب نقص في الطموح بل لقناعته بأن المشروع الضخم ليس في متناول يديه حالياً. من هنا أهمية ما حققه، من حيث إجادته استثمار ما هو متوافر لديه وتحويله إلى مشروع مربح. فأحياناً كثيرة فكرة بسيطة قد تحمل في ثناياها إمكانيات ضخمة، وأدوات النجاح قد تكون متوافرة أمام ناظرينا وجلّ ما يتطلبه الأمر هو التفكير قليلاً والمبادرة