تشهد مصر، منذ صعود الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحُكم، عملية هندسة اجتماعية شاملة، تستهدف بشكل رئيس ضمان ألّا تتكرّر انتفاضة 2011. إلّا أن النظام، في طريقه إلى استكمال تلك الهندسة التي قامت على تمويت السياسة وتفكيك الكتل السكّانية المُعرَّضة للانفجار في وجه الدولة في أيّ وقت، اشتغل على «نهضة اقتصادية»، عنوانها الوحيد جذب الاستثمارات الأجنبية، فيما أثرها العميق مزيد من الإفقار للفقراء، وتهميش لمصالحهم، ورهْن للدولة وأصولها بمجموعة مستثمرين أجانب، لا شيء يضمن أن لا ينسحبوا سريعاً، مثلما انجذبوا سريعاً، بأرباح ضخمة لا تتّسق مع مكاسب المصريين. في خضمّ ذلك، تتضخّم فاتورة الديون أكثر أكثر، مُثقِلةً كاهل الموازنة التي ارتفعت مخصّصات سداد القروض فيها بنسبة قياسية تتجاوز 62% عن العام الماضي، وراهِنةً أجيالاً بأكملها لخدمة الدَين وفوائده، في دوّامة لا يبدو أن ثمّة مخرجاً قريباً منها، طالما أن أصحاب القرار يرفضون الإقرار بكارثيّة تَوجّهاتهم، ولا يفتأون يَنحون باللائمة على الحظّ العاثر وعبث الأقدار