القاهرة | على مدار يومين، زار القاهرة رئيسُ الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، في الأسبوع نفسه الذي زار فيه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الخرطوم. وتستبق زيارة حمدوك جولة أفريقية لوزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، على دول غرب أفريقيا، تعود بعدها إلى القاهرة، قبل أن تُجري جولة أخرى شرق القارة لحصد تأييد أفريقي للموقفَين المصري والسوداني في أزمة «سدّ النهضة»، في مواجهة القرارات الإثيوبية المنفردة في تخزين المياه داخل بحيرة السدّ. والتقى حمدوك السيسي، وتَجدّدت الأحاديث بينهما حول محورَين رئيسيّين: الأول توحيد وتنسيق المواقف في أزمة «النهضة»، والثاني المساعدات المصرية للشعب السوداني ليس بناءً على الموقف السوداني الداعم في أزمة السدّ، بل «لاعتبارات التاريخ المشترك» كما يؤكد المسؤولون. لكن هذه المرّة، يرغب السودانيون في التأكُّد من أن الموقف المصري لن يكون وليد لحظة الضيق التي تمرّ بها القاهرة. أيضاً، يريد السودانيون جدولاً زمنياً للمشروعات التي يجري الاتفاق عليها، إلى جانب سرعة التنفيذ. وما جرى التوافق عليه ارتبط بمحورين: الأول هو رفع قدرات مشروع الربط الكهربائي لإمداد السودان بـ 240 ميغاوات بحلول الصيف المقبل؛ والثاني عقد اجتماعات متعدّدة بين مسؤولي اللجنة الفنية الدائمة السودانية ــــ المصرية. كما حصل السودانيون على وعود بمزيد من المساعدات الصحية والاجتماعية، مع جدول زمني لتقديمها بمساعدة من الجيش المصري، على أن يتواصَل العمل المصري على تقديم ما يرضي الخرطوم، مقابل تعهّد الأخيرة بمساندة القاهرة حتى النهاية، ما قد يؤشّر إلى عودة وحدة المواقف السياسية بين البلدين، وانتهاء حالة التوتُّر التي استغلّتها إثيوبيا لسنوات. وضمن ما طرحه السودانيون نقاط مرتبطة بحلّ ما لم تجرِ مناقشته سابقاً للوصول إلى قواسم مشتركة، وخاصة في ملفّ حلايب وشلاتين.كذلك، تَشكّل، خلال زيارة حمدوك، فريق عمل مشترك للتنسيق والتعامل مع أزمة «النهضة» على مختلف الأصعدة، حتى لو لم ينجح مقترح الوساطة الرباعية الأخير، فضلاً عن التأكيد أن التوافق المنشود سياسي وليس فنّياً، ما يعني أن الوقت متاح للوصول إلى رؤية كاملة قبل موعد الملء الثاني للخزان في تموز/ يوليو المقبل. وترتبط الأزمة الحالية بنُظُم وآليات ملء السدّ وتشغيله، وتبادل المعلومات والبيانات، إضافة إلى كيفية التعامل مع سنوات الجفاف المتعاقبة، بالتوازي مع غياب الاتفاق حول آلية الملء والتشغيل، علماً بأن المتضرّر الأكبر سيكون سدّ «الروصيرص» السوداني. أيّاً يكن، بات السودان يدرك خطورة «النهضة» الذي سيهدّد الريّ ومياه الشرب والبنى التحتية، وهو ما بدأ الترويج له بالفعل بمساعدة ودعم مصريّين، وخاصة مع تأكيد الخرطوم أنه لا جدوى من منهجية التفاوض المتبعة سلفاً، الأمر الذي تُعزّزه مصر مع الكونغو، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
في المحصّلة، ترفض القاهرة والخرطوم المحاولات الإثيوبية الحثيثة لربط الاتفاق على البنود الخلافية في مسألة «النهضة» بقضية «تقاسُم المياه»، وخاصة مع الالتزام المصري ــــ السوداني باتفاق المبادئ المُوقّع عام 2015، والذي يتمسّك به البلدان أساساً في أيّ مفاوضات مقبلة. ويشدّد الطرفان، أيضاً، على أن حقّ أديس أبابا في التنمية يجب أن يتّسق مع القانون الدولي ومبادئه وتجنُّب الإضرار بدول الجوار، ولا سيما مع المخاوف السودانية من أن يؤدي انهيار السدّ في أيّ وقت لاحق بسبب قلّة الدراسات الإنشائية إلى غرق البلاد التي تبعد كيلومترات قليلة عن موقع «النهضة».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا