مع أن جزءاً كبيراً من الخسائر المعلنة يعود أصلاً إلى غياب الاستغلال الجيد للإمكانات في هذا القطاع الحيوي، برغم مضاعفة عائدات التذاكر التي تم بيعها خلال مدة وجيزة مع تشديد الرقابة على الركاب ومضاعفة غرامات التخلف عن سداد التذاكر، فإن هناك رغبة في زيادة الأسعار حتى مع انخفاض مصروفات التشغيل بعدما انخفضت أسعار المحروقات. وتعتمد الخطة، التي وافق السيسي على ملامحها مبدئياً، على تنفيذ شراكات مع القطاع الخاص وإمكانية السماح لشركات خاصة بتسيير رحلات تقدم خدمة أفضل بأسعار أعلى، مع الأخذ في الاعتبار التوسع في إسناد الخدمات إلى القطاع الخاص مقابل مبالغ كبيرة يمكن الحصول عليها منه، وكذلك الاتفاق مع وكالات إعلانية للاستفادة من المواقع المتميزة التي تمتلكها هيئة السكك.
في جزء آخر من الخطة، ستبيع وزارة النقل، بصفتها المالك لهيئة السكك، آلاف الأمتار من الأراضي المتميزة التي تمتلكها، وكذلك العقارات التي كانت مخصصة للموظفين وعائلاتهم، للجهات المدينة، في إطار سداد المديونيات، مع توجيه استثمارات إلى بعض المسارات التي يمكن أن يتولاها القطاع الخاص مباشرة. يُذكر أن الحكومة أوقفت التعيينات في سكة الحديد بصورة شبه كاملة، مكتفية بعقود للموظفين منذ سنوات، في وقت توسع فيه وزير النقل الحالي في تنفيذ مشروعات خلال زمن قياسي للحدّ من حوادث القطارات، لكن لا يزال عدد من هذه المشروعات قيد التنفيذ، وهو السبب الرئيسي في زيادة الخسائر من جرّاء تنفيذ بعضها بأسعار أعلى من تكلفتها الحقيقية، خاصة مع إسناد غالبيتها مباشرة إلى القوات المسلحة.
إلى جانب زيادة الأسعار قريباً، أعلنت خسائر ضخمة تمهيداً للخصخصة
وفق المعلومات، تحقق السكك إيراداً سنوياً يفوق خمسة مليارات جنيه، وهي تحتاج إلى أكثر من مئة مليار لتحقيق أدنى درجات السلامة بكامل مرافقها، وفي مقدمتها إحاطة الشريط الحديدي بسور على الجانبين، وهو تصور لم يبدأ العمل على تنفيذه حتى الآن، في وقت أُغلقت فيه غالبية المعابر غير الشرعية المستخدمة للعبور بين جانبي الشريط. وتقول مصادر لـ«الأخبار» إن الخسائر التي يتحدث عنها الوزير ليست مرتبطة بتشغيل السكة، بل بالمشروعات التي يجري تنفيذها، وخاصة مع وجود عشرات الجسور العلوية التي تبنى ويفترض تحميل ميزانيتها على جهات أخرى، من بينها «هيئة الطرق والكباري» أو البلديات، مستدركة: «في ظل الرغبة في إظهار خسائر كبيرة أمام الرأي العام، بلغت الخسائر بالأرقام الرسمية في عام واحد نحو أربعة أضعاف ما تحقق في تاريخ ثاني أقدم سكة في العالم».
يشار إلى أن هيئة السكك خفضت رحلاتها اليومية بسبب تداعيات فيروس كورونا وفرض حظر التجوال، وهذا يعني تراجع إيراداتها على نحو ملحوظ، علماً بأنها تنقل أكثر من 300 مليون راكب سنوياً، بحسب الإحصاءات الرسمية. وسبق أن قدمت أكثر من دراسة لتحقيق استفادة أكبر بزيادة أعداد قطارات البضائع، لكن لم يتم تفعيلها. وطبقاً للمصادر، هناك قرارات مرتقبة بتعديلات في أسعار التذاكر، وستشمل مضاعفة الغرامات ورفع أسعار الخدمات بنسب قد تصل إلى 100%، وهي الزيادات التي تجري مناقشة قيمتها حالياً في أروقة الحكومة.