في 20 شباط (فبراير)، قررت السعودية بقرار مفاجئ، وقف مساعداتها العسكرية للبنان، أو ما تسمى «الهبة» المقرّشة بثلاثة مليارات دولار. منذ ذلك التاريخ، والمنصات الخليجية؛ من ضمنها قناة «العربية»، وبعض القنوات المحلية الموالية، تشن هجوماً منظماً على «حزب الله»، مستخدمةً مختلف أشكال الأدوات المذهبية المقيتة. طوال الأيام المنصرمة، سعت القناة السعودية الى تجنيد كل طواقم فريق 14 آذار السياسي، من سمير جعجع وسامي الجميل، عدا طبعاً عن الطاقم الصحافي التابع لهذا الفريق، من أجل إدانة «حزب الله» وتمجيد «مملكة الخير».
حملة لم تكن بجديدة على تعاطٍ إعلامي امتهن في السنوات الأخيرة أبلسة الحزب، وحياكة القصص الخرافية من حوله. ليس جديداً أن تتحدث القناة عن «ولاية الفقيه»، وتستخدم لهذه الغاية مقتطفات مجتزأة من مقابلة لنائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم على «الميادين»، وتذيّل الفيديو بعبارة «#نصر_الله جندي الولي الفقيه في وجه العرب»، وتقارن في هذا الشريط القصير بين ما صرّح به سعد الحريري في ذكرى اغتيال والده، وبين تصريحات السيد حسن نصرالله. كل هذه خلطة صنعتها رولا الخطيب لتقول بأن «حسن نصرالله يعمل على جعل لبنان العربي فارسياً»، وأنه «صاحب مشروع التحويل المذهبي من الفوعة وكفريا باتجاه محيط دمشق»، و«ارتكب مجازر ووجه الاتهامات إلى العرب والسّنة». التحدث عن منطقة الضاحية الجنوبية عاد ليطفو على متن هذه المنصات، بوصفها معقلاً ذا لون طائفي وعقائدي واحد «يحمي» المطلوبين للعدالة.
وأمس، نشرت «العربية» على موقعها الإلكتروني مقالاً بعنوان «دويلة حزب الله... أنفاق ومدارس وحماية مطلوبين»، يتحدث عن «استئثار» الحزب بلبنان وبقرارات الدولة اللبنانية. عرّج التقرير على الضاحية التي كانت «منفتحة على كل الأطياف»، وأضحت اليوم تعلّق فيها «صور الخميني بعيد حرب تموز 2006». وتناول كيف بنى حزب الله «ثقافته العقائدية»، ومدارسه ومستشفياته وأنفاقه، وكيف «حمى» المطلوبين للعدالة.
«دويلة حزب الله»... العبارة التي تتردد في الآونة الأخيرة، على ألسنة صحافيين وقوى لبنانية معادية للحزب، وعلى شفاه الميديا السعودية، يبدو أنها معممة حالياً للاستخدام وللتصويب للتعمية على إيقاف الهبة السعودية، وإلصاق الاتهام بالحزب وبوزير الخارجية جبران باسيل. عبر منصاتها الإعلامية، ما فتئت السعودية تقف عند كل مفترق لتمنّن اللبنانيين بريالاتها، فعلت هذا الأمر مجدداً، أول من أمس، لدى بثها شريطاً مشغولاً على طريقة الغرافيكس يظهر «تاريخ المساعدات السعودية للبنان»، منذ العام 1992، وصولاً الى اليوم، بالأرقام والمناسبات التي أعطيت فيها هذه الأموال.
من ناحيتها، لم تكن قناة «المستقبل» بعيدة عن هذه البروباغندا. في مقدمة نشرتها المسائية أول من أمس، وصفت المحطة «حزب الله» بـ«المتورط في دماء السوريين، والمعتدي على سمعة دول الخليج والمملكة السعودية، والخائن لعروبة لبنان»، وتحدثت «بقلق» عن مستقبل نصف مليون لبناني يعملون في الخليج.