حين أصدرَ أغنيته الطويلة «وَحدو الزمن» (15 دقيقة) في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، سألته ماذا تريد أن تقول بأغنية طويلة في زمن الأغاني الخاطفة، فأجاب: «بدي سَلْطن ع المسرح والأغنية الصغيرة لا تكفيني». كان الشاعر والملحّن والمغني إيلي شويري واحداً من الرعيل الغنائي الكبير الذي تخَضْرَم في مساحة عمره ليجمع أكثر من جيل، وكان صوته هو الوسيلة الأولى للحضور بين المغنين كموهبة مختلفة شكلاً ومضموناً. فصوته الرائق الشفاف الدافئ منَحهُ تميّزاً واستقلالية أَدائية بحيث كان صوت العشق والعذوبة أكثر من أي شيء آخر. لكن إيلي الملحّن كان طامحاً بالوجود في الحياة الفنية عبر قدراته التلحينية، وهي لم تبرز تماماً إلا بعد خروجه من المساحة الرحبانية، فباشر التعاون مع الكبار من صباح إلى وديع الصافي إلى ماجدة الرومي إلى الأجيال الجديدة من المغنين التي كانت تقصده ملهوفةً إلى ألحانه التي تشيع بسرعة. وليست «بكتب اسمك يا بلادي» وحيدة، بل هناك إحدى أكثر الأغاني شهرة في التسعينيات «إيام اللولو» التي أعطاها لصباح وسميرة توفيق معاً، وأشعلت الجمهور والصحافة والوسط الفني... ومئات الأغاني الأخرى.كان نجم المسرح الغنائي اللبناني مع الرحباني ومع صباح، ومن «مهرجانات بعلبك» إلى «البيكاديللي» وعشرات الخشبات الاستعراضية، تنقّل كمغنّ، لكن قلبه كان في التلحين، ومع فيروز تحديداً، ولم تكن الأجواء ولا الظروف مؤاتية. أحَب أن تغني فيروز له، وأجمل الألحان التي قدّمها للكثيرات كانت محاولة لاستمالة فيروز لكن ذلك لم يحصل. كان مزاجياً وغاضباً من أنه لا يصل إلى المكانة التي يستحقها مهما تعِب. وأما في السنوات الأخيرة، فقد عاش تعيساً من انفضاض المغنين والمغنيات من حوله.
مرة اتصل بي: «عبد الغني بدي اطلع بالتلفزيون معك وفشّ خلقي»، وصوّرْنا حلقة كان فيها إحساسه وأفكاره على رأس لسانه، وقال ما يريد وأنا حاولتُ تكريمه في الحوار كما تفرض أخلاق الصداقة.