منذ سنوات عديدة، استمعت إلى مقابلة لإيلي شويري عبر أثير إحدى الإذاعات وقد طبعتني بمخزونها الثقافي والوجداني. على إثرها، قرّرت أن أجمع أعماله وأكتشفه من خلالها. وعند خوضي رحلة البحث عن كنوز الماضي، جُلت العالم العربي أفتشّ عن أرشيف ضائع، مسروق أو مهمل، وُفّقت بمادة، وإن غطاها غبار السنين، فهي تشكّل تراثاً لا ثمن له. ومن حسن حظي، كان هنالك بعض اللقاءات المصورة أو المسموعة لإيلي شويري. سطّر إيلي المرحلة الذهبية من لبنان الحلم، وسكن فيها حتى الوداع الأخير، رافضاً الانصياع للواقع وخيباته. استقى من تلك الحقبة مواويله وألحانه، فخرجت أعماله تضيء ظلمة زمن الانهيار والرداءة والابتذال.
كبر اسمه مع الأيام، وسطعت عبقريته لكنه بقي يحلم بالعودة عضواً في الفرقة الشعبية اللبنانية يلتقي رفاق العمر والألق الفني.
أراد من صميم قلبه أن تغني له فيروز لعلّه «ينتقم من كذبة الحياة كلها» كما كتب أنسي الحاج، لكنها لم تفعل...
رحل إيلي شويري تاركاً مفاتيح أبواب خُتِمَت بالشمع الأحمر، رحل خلف القمر إلى قصر النوم حيث لا ألم ولا أسى، وبقي صوته يردّد:
على برك المي عم تغرق صورنا
وكبرنا، كبرنا وبعدا عم تغرق صورنا
يا قمرنا تفرّج عصورنا
وبسهرنا، بسهرنا ضوّي عصورنا.