جمال، موسيقى، فن، غناء، رقص، شباب، حب، جنس، ثورة وأكثر في فيلم «على حلّة عيني» (2015 ـــ إخراج ليلى بوزيد ــ متوافر على «أفلامنا» الذي تدور أحداثه في تونس صيف 2010، أي قبل أشهر من «ثورة الياسمين». هناك تعيش فرح (بية مظفر) التي تهوى الموسيقى، وتريد حياة مستقلة، مع الكثير من الشغف. تكتشف الحب وتغوص في مدينتها ليلاً. تتمتع بطاقة لا حدود لها. لكنها تشبه الفتيات العربيات اللواتي يحدد الأهل والمجتمع شكل مستقبلهن قبل ولادتهن. إلا أنها ترفض الخضوع لذلك كله، فتصطدم بمعارضة الأهل الذين يريدونها طبيبة، كما بالعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية والنظام الذي يحد اندفاعها. تقف فرح في مواجهة كل من حولها، على رأسهم والدتها حياة (غالية بن علي)، لتبدأ ثورتها بالغناء. تعيش فرح لحظة حرجة في حياتها، بين والدتها التي تجبرها على الذهاب لدراسة الطب، وبين حلمها بدراسة الموسيقى. تمزج فرح وفرقتها، الموسيقى التونسية الكلاسيكية والحديثة بكلمات تنتقد الواقع السياسي والتناقضات الاجتماعية في البلاد. لكن مع ازدياد الضغط من الجهتين، أي العائلة والنظام، تصبح العلاقة بينها وبين والدتها تحت المجهر. فهذه الأم، ثورية في القلب ترى نفسها في ابنتها عندما كانت صغيرة، فهي كانت تمتلك روحاً حرّة، لكن الوضع مختلف الآن، وقد باتت مصمّمة على حماية طفلتها، من نفسها أولاً ومن تونس ثانياً، لأن الظروف تغيرت، فهي متوترة بسبب كل الأحداث الذي حصلت وما زالت تحدث. وحيدة، محبطة من تونس ومن الوضع، حزينة على زوجها الذي يسكن بعيداً عنهم وعن العاصمة بسبب رفضه الانضمام إلى الحزب الحاكم.فرح من عائلة ثورية، ولكن مع اختلاف الأجيال ومرور الوقت، تتغير الأولويات، والأم تعرف تونس جيداً وتعلم كيف يمكن لهذا البلد أن يسحق كل من يحاول الخروج عن التقاليد والمجتمع. علاقة الأم بابنتها متقلّبة في كل لحظة من الفيلم، تجعلك تؤيد الفكرَين في الوقت نفسه. ليلى بوزيد لم تضعنا في موقع القاضي أو الحكم، ولكنها حاولت إظهار المشكلة، كي نشعر ونفهم وجهتَي النظر.
يتألّف الشريط من ثلاثة أجزاء يفصل بينهما سواد

تعاطفنا مع فرح وأيّدنا قضيتها ضد ظلم النظام والمجتمع الذي ينتفض ضد الشباب الذين يعيشون حياتهم كما يريدون، في الحب والموسيقى والفنون. ونتفهّم الأم التي تحاول حماية ابنتها من كل شيء، لأنه بعد كل الأحداث، الثورات، الحب والحياة، لم يبق لها سوى فرح، لتمنحها الحب والحماية.
نقّبت ليلى بوزيد في المحظور وقدمت فيلماً بروح تونسية بحت. بثلاثة أجزاء يفصل بينهما سواد، بدأت بوزيد فيلماً بالموسيقى، وتدريجاً أخذتنا إلى الصمت كما تفعل السلطات العربية بامتصاص عنفوان الشباب. قصة الفيلم ليست جديدة، إذ طرحت في العديد من الأفلام، ولكن ليلى بوزيد تضيف روحاً إلى القصّة من خلال الألوان والموسيقى والتمثيل.

* «على حلّة عيني» حتى يوم غدٍ الأربعاء على «أفلامنا» ــــ aflamuna.online