«ليس سهلاً ربما أن أغيّر الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم»، كلام رددته مراسلة «الجزيرة» شيرين أبو عاقلة (1971-2022) عقب حديثها عن تغطيتها لإجتياح قوات الإحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 2002. اليوم، استشهدت أبو عاقلة في «مخيم جنين»، بعد إصابتها بالرأس مباشرة، رغم ارتدائها السترة الصحافية والخوذة أيضاً. سقطت المراسلة الحربية أرضاً بعدما قضت نحو ربع قرن في قلب الأخطار، وعلى تماس مباشر مع الموت، ناقلة بالصوت والصورة جرائم الإحتلال على الأراضي الفلسطينية. فلطالما روت الصحافية الفلسطينية، صعوبة عملها الميداني في الأراضي المحتلة، وتركها لعائلتها، ومبيتها لأيام في المستشفيات. عرفت أبو عاقلة بإصرارها الدائم على مواصلها عملها الصحافي رغم خطر الموت «لتكون قريبة من الإنسان» كما تردد دوماً.فقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد الصحافية الفلسطينية المولودة في القدس، ليتبعها بيان «الجزيرة» الذي وصف ما حصل بـ «جريمة القتل المفجعة»، التي «تخرق القوانين والأعراف الدولية». البيان طالب المجتمع الدولي بـ «إدانة ومحاسبة قوات الإحتلال الإسرائيلي» التي قتلت أبو عاقلة «بدم بارد». وتعتبر أبو عاقلة من الرعيل الأول الذي انضم الى القناة القطرية، عام 1997، بعدما درست الهندسة، ومن ثم حصلت على درجة البكالوريوس في الصحافة المكتوبة من «جامعة اليرموك». بدأت أبو عاقلة مسيرتها الصحافية، بعد تخرجها مباشرة من الجامعة، وعملت في وسائل إعلام محلية وعالمية، أبرزها «إذاعة صوت فلسطين»، وقناة «عمان الفضائية»و«مونت كارلو». لطالما تماست المراسلة الفلسطينية مع الخطر، وكانت في أماكن كثيرة على مقربة من الموت، فقد صرّحت في مقابلة سابقة مع «الجزيرة» بأن الصحافي الفلسطيني «دائماً يُتهم من قبل الجيش الإسرائيلي، ويشعر باستهدافه». وأضاف
: «أينما وضعت الكاميرا ينظرون إليك على أنك تصور مكاناً ممنوعاً (...) دائماً تشعر كصحافي أنك مستهدف». غطت المراسلة الفلسطينية معظم جرائم الإحتلال الإسرائيلي، واجتياحه للمدن الفلسطينية، أبرزها «إنتفاضة الأقصى» ولقِّبت بـ «أيقونة الصحافة الفلسطينية»، وتعرضت لاعتداءات مباشرة من قبل الإحتلال الإسرائيلي، وأصيبت مرات عدة إما بالرصاص أو القنابل الغازية، أو بالضرب. باستشهادها اليوم في «جنين» بين أهلها الذين يتعرضون للتنكيل والمحاصرة من قبل جيش الإحتلال الإسرائيلي، محاولة نقل جريمته هناك، تكون أبو عاقلة، قد ختمت مسيرتها المهنية بالدم، بعدما اجتازت الخطر مرات عدة. يذكر أنه بعد استهداف شيرين مباشرة برصاص قناص إسرائيلي، أصيب الى جانبها المصور علي سمودي، بعد اقتحام الإحتلال منزل شاب فلسطيني واندلاع المواجهات مع عشرات الفلسطينيين هناك. وأدان المكتب الاعلامي للحكومة الفلسطينية في غزة «جريمة الاحتلال» بقتل «الزميلة الصحافية الشهيدة» شيرين أبو عاقلة، وعدّها «جريمة مكتملة الأركان، واختتام لسلسلة طويلة من الاعتداءات طالت الشهيدة سابقاً، من الحجز ومنعها من التغطية إلى التعرض للإصابة». ولفت المكتب الى أنّ «الجريمة تؤكد السلوك الإجرامي للمحتل، وضربه بعرض الحائط كل المواثيق التي تضمن للصحافي تغطية إعلامية من دون عوائق». وأضاف: «لم يكن جنود الاحتلال ليصلوا إلى هذا المستوى من الإجرام لولا قناعتهم بأنّهم يفلتون من المحاسبة والعقاب». وأعربت «بعثة الاتحاد الأوروبي» في فلسطين عن صدمتها جراء مقتل أبو عاقلة وطالبت بإجراء تحقيق «سريع ومستقل لتقديم الجناة إلى العدالة».