من بعيد، يبدو مكان إنفجار مرفأ بيروت هادئاً تشوبه السكينة. ولكن كلما اقتربنا أكثر من بقعة الحدث، كلما اتضحت صورة الكاميرات و«زحمة» الاعلاميين الذين بدأوا يتوافدون إلى ساحة الجريمة. فقد تحوّلت ساحة الانفجار إلى استديو ضخم تمركزت فيه غالبية القنوات العربية واللبنانية والعالمية، لتقديم ريبورتاجات وتقارير وحلقات خاصة في هذه الذكرى. الدمار باق على حاله، وقد صار خلفية مؤثرة للاستديوات التي نصبت هناك. تلك البقعة من بيروت، أصبحت بمثابة مزار للصحافيين الذين يكتبون ويسجّلون ريبورتاجات، تحضيراً لعرضها (قبل) يوم الأربعاء المقبل في 4 آب. حتى أن أكثرية الاعلاميين العرب والأجانب وصلوا قبل أسابيع إلى لبنان لنقل صورة الذكرى، وتخصيص عمل ميداني صحافي ستتضح رؤيته لاحقاً حسب التوجهات السياسية لكل وسيلة إعلامية.
على مدخل المرفأ، يمنع الدخول لمن ليس لهم عمل، وهذه الخطوة لم تقف حاجزاً في وجه الإعلاميين الذين تهافتوا لالتقاط صورة في محيط الحدث الذي كان محطّ إهتمام الصحافة العالمية من اللحظة الأولى لوقوعه.
في هذا السياق، يتسابق الإعلام الأجنبي والعربي لنقل ذكرى الانفجار، وقد تمركزت غالبية الصحافيين الوافدين في المناطق المحيطة التي تضررت بالانفجار (الجميزة، الاشرفية، الكرنتينا، وسط بيروت، مار مخايل...) التي لا تزال بصمات الانفجار واضحة على جدران منازلها.
تتنوّع جنسيات وسائل الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي في بيروت، من بينها: قناة trt التركية، «دبي»، «أبو ظبي»، «الحرة»، «العربية»، «الجزيرة»، «سكاي نيوز» والإعلام الفرنسي على رأسه «فرانس 24»، «مونتي كارلو» و«دويتشه فيله» الالمانية. تلك القنوات اعتمدت بشكل أساسي على مكاتبها في بيروت أو استقدمت مراسلين مؤقتين يتنقلون بين الناس والمناطق. كما اتخذت من صفحاتها على السوشال ميديا وسيطاً لنقل مباشر من مختلف النقاط التي تضررت بالإنفجار.
في هذا الإطار، تتحدث بعض المعلومات لـ «الأخبار» عن أن خطة القنوات العربية والعالمية لا تعتمد على نقل صورة الحدث فحسب، بل أيضاً على الشارع اللبناني الذي سيتعاطى مع إحياء الذكرى. وتشير المصادر إلى أن المحطات قد أتمّت جهوزيتها لنقل مباشر (متقطّع) منذ الصباح ولغاية مساء الأربعاء المقبل، مع تسليط الضوء على التحركات الشعبية التي قد يشهدها الشارع في ذلك النهار، بخاصة أن القضاء اللبناني لم يقل كلمته الأخيرة بعد حول الأسباب التي أدّت إلى الكارثة. وتشير المعلومات إلى أن ما يجمع بين غالبية العمل الصحافي المتنوّع، هو التركيز على تقارير لأهل الضحايا يطغى عليها الطابع الانساني، ولا يمنع ذلك من استغلال الحدث لأغراض سياسية بحت. لكن يبقى السؤال الأهمّ: ما هي برمجة القنوات العربية والعالمية ليوم الأربعاء المقبل؟
في هذا السياق، أعلنت قناة «فرانس 24» وإذاعة «مونت كارلو الدولية» التابعتين للإعلام الفرنسي، عن وصول مراسلين لها من مختلف اللغات العربية والانكليزية والفرنسية إلى بيروت للوقوف على الحدث، من بينهم: مايسة عواد وعباس الحاج حسن (باللغة العربية)، سيريل باين وزهرة بن ميلود (باللغة الفرنسية) ونادية مسيح (باللغة الإنكليزية). ومن استوديو باريس: رمتان عطية (باللغة العربية) وأرمن جورجيان (باللغة الفرنسية) ودوغلاس هربرت (باللغة الإنكليزية)، الذين يقدّمون تحليلات وتعليقات حول تداعيات الانفجار والأوضاع الاقتصادية والسياسية في لبنان. أما «مونت كارلو الدولية» فستقدّم نشرات أخبار ومداخلات على الهواء، وتبث الإذاعة مجموعة تقارير من بينها ثلاثة تقارير أنتجتها ميشا خليل، كلها تدور حول أسئلة متنوعة من بينها، مصير مرفأ بيروت بعد عام على الانفجار، كيف يعيش الناجون وعائلات الضحايا بعد الكارثة؟
من جانبها، لفتت المقدمة والمراسلة الاميركية لقناة CNBC هادلي غامبل، إلى أنها كانت من أوائل الواصلين إلى بيروت قبل أيام، والخروج برسائل تلفزيونية يومية من العاصمة. غامبل التي أحدثت ضجة بمقابلتها العام الماضي مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على هامش «منتدى دافوس الاقتصادي»، خصصت صفحتها على تويتر لنقل الأحداث في المرفأ والمناطق المحيطة فيه. على الضفة نفسها، تطل باكي أندرسون مذيعة CNN بتقارير شبه يومية حول الوضع في بيروت وانعكاسات الانفجار. في المقابل، جنّدت قناة «الغد» المصرية فريق عمل في بيروت عبر مراسلين سيطلّون من مختلف المناطق التي تضررت في الإنفجار، من بينهم المراسلة كلودي أبي حنا. ليست «الغد» الوحيدة التي ستكثف من حضورها، بل كذلك «التلفزيون العربي» القطري الذي بدأ فريق عمله في بيروت التحضير لتقارير إنسانية وإجتماعية لإلقاء الضوء على المواطنين الذين خسروا منازلهم ولم يتم التعويض عليهم بعد. كما يتمّ تجهيز فريق لنقل مباشر لأيّ حدث طارئ قد تشهده الساحة الداخلية. وكعادتها تتنافس «العربية» السعودية و «الجزيرة» القطرية لتغطية شاملة للحدث. من جهتها، تتابع «الجزيرة» التطورات المتعلقة بهذا الملف عبر تقرير إنساني عن عائلات الضحايا، سيتم بثه ليلة ذكرى 4 آب. كما ستبث القناة القطرية قريباً فيلماً وثائقياً (لم تعرف تفاصيله) سيتناول ملف الانفجار كاملاً والتحقيقات حوله. كذلك تولي الشاشة التي تتخذ من الدوحة مقراً لها، إهتمامها للتحركات الشعبية التي قد تتزامن مع إحياء الذكرى، لتخرج ضمن متابعة إخبارية للتطورات المتعلقة بها. أما بالنسبة إلى «العربية»، فالوضع لا يختلف عن «الجزيرة»، وتتحضر لبث تقارير ومداخلات من قلب الحدث.
المقدمة هادلي غامبل في قناة CNBC كانت أول الواصلين إلى بيروت


على الضفة نفسها، يعتبر جعفر عبدالكريم الذي يقدّم برنامج «جعفر توك» (ستعرض الثلاثاء المقبل) على قناة «دويتشه فيله عربية» (وصفحات البرنامج على السوشال ميديا) من أكثر المقدمين نشاطاً هذه الفترة، فقد سجل اللبناني حلقة من عمله التلفزيوني على أطراف مرفأ بيروت. تحت عنوان «بعد عام على انفجار مرفأ بيروت، كيف حال اللبنانيين اليوم»؟ يطل عبدالكريم في حلقة من أمام المرفأ للوقوف على تبعات الإنفجار. بدأت متابعة المقدم للوضع في بيروت، وزار أهالي ضحايا الانفجار، وكذلك نقل صورة التظاهرات التي قاموا بها سابقاً. إضافة إلى ذلك، تجول جعفر في بعض المناطق اللبنانية وعايش يوميات عائلات لبنانية في ظل الانهيار الاقتصادي وهبوط سعر الليرة اللبنانية. يشير عبدالكريم لنا إلى أنّ الحلقة تتضمّن مجموعة فقرات انسانية واجتماعية واقتصادية، «في الشق السياسي أردنا الاطلاع على رؤية من يقدمون أنفسهم كبديل للطبقة السياسية في لبنان. يطل في الحلقة مجموعة من أهالي الضحايا، وباقة من الوجوه السياسية والحزبية في لبنان». إذاً، بيروت في الرابع من آب ستستحيل قبلة الإعلام العربي والغربي، والتعاطي مع الكارثة سيتفاوت من منبر إلى آخر وفق الأهواء السياسية لكل جهة.


اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا