في باريس في أواخر الستينيات، أدارت «مدام كلود» بيت دعارة كبيراً وحقّقت شهرة ونجاحاً كبيريْن. عملت لدى المدام كلود مئات الشابات. دبلوماسيون، سياسيون ونجوم سينما كانوا من بين زبائنها. حاولت المخرجة الفرنسية سيلڤي ڤيريد في فيلمها الجديد «مدام كلود» (2021) التقاط القصة الحقيقية المثيرة لفيرناند غرودي (1923 – 2015) التي كانت، من خلال شبكة الدعارة التي تديرها، متورطة في مؤامرات سياسية وفضائح مع المخابرات الفرنسية. ومع ذلك، لا تبدو أن هذه الخلفية حقيقية ولا الشخصيات مثيرة للاهتمام في الفيلم الجديد. خلفية الأحداث التي يتبعها الفيلم هي الفضيحة المتعلقة بقضية ستيفان ماركوڤيتش ــــ جريمة قتل الحارس الشخصي للممثل آلان دولون التي لم يتم حلها، والتي جذبت إلى دائرتها السياسة والمخابرات الفرنسية في بيئة من الجريمة المنظّمة وعمل المخابرات.
ضيّع القصة الحقيقية وخلفياتها السياسية والاجتماعية والثقافية
ليست هذه المرة الأولى التي تقترب السينما من قصة وشخصية مدام كلود، فعلها من قبل المخرج الفرنسي جوست جاكين عام 1977. اليوم تُقدم القصة من منظور أكثر حداثة، ضيّع القصة الحقيقية وخلفياتها السياسية والاجتماعية والثقافية، وأصبحت القصة مرتبطة أكثر بتمكين المرأة، وكيفية تآمر النظام الذكوري الأبوي على مدام كلود وقوتها المتزايدة، وهدف مدام كلود الوحيد هو الحفاظ على قوتها الشخصية وألا تعيش في الفقر مرة أخرى. ينصبّ تركيز الفيلم أيضاً على دوافعها الشخصية وعلاقتها مع ابنتها المنفصلة عنها، والبعد عن الحبّ والعلاقات. القصة في الفيلم ذات هيكل نموذجي: ظهور، نمو، ذروة، أزمة، انحدار، نهاية. الفيلم ميكانيكي، من النوع الذي تنتجه نتفليكس والذي «ينجح» بشكل كبير، وفي الوقت نفسه ليس فيه شيء جديد أو مفاجئ. الفيلم يقف في منتصف مفترق طرق: إعادة بناء عصر انقرض، لم نرَ في الفيلم معالمه الثقافية والاجتماعية. مؤامرات بوليسية وسياسية يتم حلها بسرعة وبشكل أخرق، وشخصية قوية مثل فيرناند غرودي، التي لم نعرف بالتحديد من هي.
كل شيء في الفيلم ضحل وغير مركز، الشخصيات مجرد اكسسوارات من دون كاريزما، حتى مدام كلود والفتيات شخصيات جامدة. ليس هناك أي شيء مثير للإعجاب في الفيلم، ما يحرص عليه الفيلم هو إظهار العري والمشاهد الجنسية التي لا معنى لها. للأسف كنا نتمنى أن نرى فيلماً جديداً يعكس بجدية قصة مدام كلود، ولكنْ ما بين أيدينا فيلم نبدأ بمشاهدته على أمل انتهائه في أقرب وقت.
«مدام كلود»
على نتفليكس
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا