تأكّدت التوقعات التي رافقت نشر بوب ديلان ثلاث أغنيات جديدة أخيراً. بالتزامن مع صدور أغنيته الثالثة خلال الأسابيع الماضية، حمل الموسيقي والمغني الأميركي مفاجأة سارّة لجمهوره، معلناً موعد إطلاق ألبوم كامل في 19 حزيران (يونيو) المقبل بعنوان Rough and Rowdy Days.. حتى الآن، استمعنا إلى ثلاث من أغنيات الألبوم، نشرها ديلان على قناته الرسمية على يوتيوب. البداية كانت مع أغنية Murder Most Foul حول اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي عام 1963، وتمتدّ لحوالى 17 دقيقة كلوحة موسيقية عن أجواء أميركا الستينيات. الأغنية لم تكن مستغربة من الفنان الذي لطالما كان ناشطاً بمواقفه السياسية، خصوصاً في أغنيات مثل Jokerman في الثمانينيات انتقد فيها سياسات الرئيس الأميركي رونالد ريغان. أما الأغنية التالية فهي I Contain Multitudes، التي استلهم اسمها من عبارة في قصيدة للشاعر الأميركي والت ويتمان بعنوان Song of Myself. تخلو الأغنية من الإيقاعات مثل سابقتها، بينما تعتمد على الغيتار والوتريات، ضمن مناخات عنيفة وقاتمة، يستحضر فيها وجوهاً عالمية لكتّاب وفنانين منهم إدغار ألان بو وآن فرانك وديفيد بووي والرولينغ ستونز... «أنا مثل آن فرانك، مثل إنديانا جونز/ ومثل الشبان البريطانيين الأشقياء، الرولينغ ستونز/ أذهب إلى الحافّة، أذهب إلى النهاية/ أذهب إلى حيث كلّ الأشياء الضائعة تصبح جيّدة مرّة أخرى...». أما أغنيته الثالثة The False Prophet، فلا تبتعد عن التاريخين السياسي والفني، وعن نظرة تأملية يلقيها الفنان السبعيني على الأحداث التي تتوالى بتكرار وعبثيّة «يوم آخر لا ينقضي... يوم آخر من الغضب والشقاء والشكّ/ أعرف كيف حدث ذلك/ رأيت بدايته/ فتحت قلبي للعالم ودخل العالم إليه». كأنه يستعيد حياته ومشاهد من مسيرته الفنية الطويلة. ورغم مرور كلّ هذه السنوات، هناك شيء لم يتغيّر أيضاً هو صوت الفنان بخصوصيته، الذي لطالما صدح في المظاهرات السياسية في أميركا، خصوصاً خلال التنديد بالحرب على فيتنام. المفارقة الوحيدة هي أن مواقفه السياسية لم توجّه يوماً ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، فقد صرّح مراراً عن مواقفه الداعمة للصهيونية، متجاهلاً دعوات حركات المقاطعة له لإلغاء حفلاته هناك.علماً أن الألبوم الجديد يأتي بعد ثماني سنوات من توقّفه عن الإنتاجات الجديدة بعد ألبومه الأخير Tempest سنة 2012. لكن رغم غيابه هذه السنوات، ظلّ اسم ديلان في الواجهة أكان من خلال أعمال استعادية قام بتسجيلها، أم من خلال وثائقي Rolling Thunder Revue: A Bob Dylan Story الذي يحمل توقيع المعلّم الأميركي مارتن سكورسيزي (إنتاج نتفليكس)، حول إحدى جولات ديلان خلال السبعينيات. أما الحدث الأبرز خلال السنوات الماضية، فكان فوزه المفاجئ بجائزة «نوبل للآداب» سنة 2016، عن تجربته الشعرية في كتابة الأغنيات.