يحاول المخرج والمدرّب شادي الهبر بالتعاون مع زميلته مايا السبعلي أن يصنعا «الحلم». هذا أقلّ ما يمكن أن يقال عن تجربة مسرح «شغل بيت» التي بدأت قبل أعوام، من خلال حلمٍ فردي للهبر، تلميذ المسرحي الراحل منير أبودبس: «لقد أردت أن تكون هذه التجربة تشبهني، تفتح الباب أمام من يريدون الدخول إلى عالم المسرح، لكن لم تسنح لهم الفرصة في أن يكونوا أكاديميين، لقد أردتها هكذا «شغل بيت». ومن هنا جاءت التسمية حالما أخذت المنزل الذي نتدرّب فيه حالياً في منطقة فرن الشباك» يقول لنا الهبر. يقدم مسرح «شغل بيت» اليوم مسرحية «حياتي ثورة» على خشبة «مسرح المدينة» الذي قرّر القائمون عليه «إعطاء المسرح للراغبين من المسرحيين بتقديم أعمالهم عبر تسهيلات مادية كبيرة».مسرحية «حياتي ثورة» يؤدّيها تسعة طلاب هم خريجو المستوى الثاني من ورشة التدريب الدائمة والقائمة في مسرح «شغل بيت»، وهم: غنوة المقداد، ومها أبو زيدان عازار، وهبة الجزار، وهادي أبو سليمان، وألفت خطار، وجميل الحلو، وحسين قنبر، وخديجة صالح، وميرفت سلهب. «هذه المجموعة هي المجموعة الثانية من المستوى الثاني. المجموعة التي تنتهي من المستوى الثاني، تلتحق بشكل تلقائيّ بفرقة مسرح «شغل بيت»، أي تصبح جزءاً لا يتجزأ من المكان. وبالتالي تستطيع المشاركة في جميع الأعمال التي تقوم بها الفرقة».
إذاً ماذا عن هذه المسرحية؟ ولماذا تم وضع كلمة «إشراف» وليس «إخراج» شادي الهبر ومايا السبعلي على المسرحية؟ تشير السبعلي: «نعم قلنا كذلك، لأن ما قمنا به في هذه المسرحية هو إشراف أكثر من كونه إخراجاً. ذلك أن هذا العمل هو لهم ومنهم، ففكرة «حياتي ثورة» جاءت من وظيفة أعطيتهم إياها خلال التدريب. طلبنا منهم ذكر شيء كتبوه أو حكوه للمرة الأولى في حياتهم. للمفاجأة وجدنا قضايا شخصية هي قضايا عامة في آنٍ معاً. مثلاً، هناك قضية الشخص الذي يتعرض للتنمّر، أو الذي يريد أن يفعل كل شيء على هواه وربما بشكل مجنون، لكنه لا يفعل ذلك لأسباب كثيرة، أو الذي يريد التحرر، لكنه حذر تجاه أمور كثيرة. هي قضايا اجتماعية يقدّمها تسعة شبان وشابات على خشبة المسرح، تشعر بأنها خاصة للغاية، ولكنها عامة كثيراً؛ من هنا، إننا نشرف على العمل ولا نخرجه».
يمتدّ العمل على خمس دقائق تقريباً لكل مقطع sketch/monologue، وهو تقنية درامية مسرحية استُخدمت منذ القرن الخامس/السادس عشر في المسرح الشكسبيري الأول، إذ كان يطلب شكسبير من تلامذته كتابة مقاطعهم ثم تأديتها أمام الجمهور تحت إشرافه، ومازالت معظم جامعات أوروبا الرئيسية تمارس هذا التقليد باعتباره التقنية الأبرز في صقل مواهب المسرحيين الجدد. إذاً ماذا عن ورشة «إعداد الممثل» التي يقومون بها في مسرح «شغل بيت»؟ يحدثنا شادي الهبر بشغف عن مشروعه الشخصي والحياتي الذي يعتبره إنجازه الجميل: «هناك شيء اسمه «ورشة إعداد ممثل مسرحي» على مدى تسعة أشهر، مع الممثلة مايا السبعلي ومعي أنا. خلال هذه الأشهر التسعة، يتخرجون من خلال تقديم عمل مسرحي، مسرحية كاملة، منطلقة من المونولوجات التي يقومون بها. نحن نعمل على مشروع التخرّج هذا في آخر شهر فقط. ندرب على تقنيات، وعلى منهج دراسي كامل خلال الأشهر التسعة الأولى، وهو يشبه الأنظمة الجامعية إلى حدٍّ ما». وماذا عن أوقات التدريب؟ يجيب الهبر: «مرة في الأسبوع على مدى ثلاث ساعات مكثّفة، ولا نعطي مواد نظرية في تلك الفترة (أي المستوى الأوّل)، بل نكتفي بالتطبيقي». هنا يأتي السؤال الأهم: هل هناك ضوابط بالنسبة إلى الطلاب لجهة أعمارهم، وميولهم، وتوجهاتهم، وخبراتهم؟ يجيب الهبر: «يأتينا الجميع لأسباب مختلفة، لكن في الأغلب من يأتي هم من عشاق المسرح ومحبيه، ويريدون أن يستثمروا موهبتهم هذه من خلال التمثيل، لكن لا ضوابط لدينا، المهم أنهم يريدون أن يتدرّبوا بجد، ويعملوا ضمن الضوابط التي تحدّدها الورشة».
في الختام يؤكّد الهبر، عن مسرحية «حياتي ثورة»: «هذا عمل من القلب والروح يقدمه طلابنا وبالتأكيد سيحبّه الناس، لأنه حقيقي أولاً، وواقعي، وبُذل فيه الكثير من الجهد والحب».

* «حياتي ثورة»: الساعة الثامنة والنصف مساء اليوم ــ «مسرح المدينة» (الحمرا ــ بيروت). للاستعلام: 01/753011