من خلال مسلسل Workin’ Moms (أمهات عاملات) الذي عرضته أوّلاً شبكة CBC الكندية في عام 2017، أخبرت الممثلة والمنتجة كاثرين ريتمان (1981) قصّتها مع الأمومة بطريقة «فجّة»، مقدّمة حقائق «عارية» ربّما تعرض للمرّة الأولى على الشاشة الصغيرة ضمن مشروع درامي. نجاح التجربة، أثمر ثلاثة مواسم وجد أوّلها طريقه إلى شبكة «نتفليكس» الأميركية في 22 شباط (فبراير) الماضي محققاً مشاهدات عالية ومحدثاً ردود أفعال إيجابية. إبنة السينمائي الشهير إيفان ريتمان وشقيقة المخرج جايسون ريتمان، أرادت في هذا العمل تسليط الضوء على جوانب عدّة في حياة الأمّهات لاسيّما العاملات منهن، مقدّمة حالات ومواقف يجهلها كثيرون و«يفضّل صنّاع الدراما الابتعاد عنها كونها تفتقد إلى الجاذبية برأيهم»، وفق ما قالت ذات مرّة في مقابلة مع برنامج Good Morning America (شبكة ABC). هكذا، يتتبع المسلسل الذي تشاركت كاثرين إخراجه مع بول فوكس وإليسا يونغ أربع سيدّات دخلن حديثاً عالم الأمومة، راصداً لحظاتهن الحلوة والمرّة من دون مواربة. علماً بأنّ ريتمان تؤدي دور إحداهن (كيت فوستر) إلى جانب الممثلات: جيسالين وانليم (جيني ماثيوز)، وداني كايند (آن كارلسون)، وجونو رينالدي (فرانكي كوين). ويُحسب للرباعي التمثيل الطبيعي والعفوي البعيد عن التكلّف إلى أبعد الحدود.بعد حلقات معدودة، يدرك المشاهد أنّ Workin’ Moms يمثّل «المعركة» التي تخوضها الأمّهات عموماً، سواءً كنّ عاملات أو لا، أملاً في أن يتم النظر إليهن على أنّهن لا يزلن اللواتي كنّ قبل الولادة، وبهدف التغلّب على كل المشاعر السلبية، أهمّها الإحباط. كما يظهر الكم الهائل من الوحدة اللواتي يختبرنه والمسكوت عنه. المسألة هنا أشبه بأزمة هوية، كون المحيط يتوقع ــ في معظم الأحيان ــ من الأم أن تنكر ذاتها تماماً. أمر لا ترى فيه كثيرات «عملية طبيعية» إطلاقاً، ويشكّل بالنسبة إليهن شكلاً من أشكال القمع الاجتماعي والنفسي. ففي العمل مثلاً ينتظر الرؤساء والزملاء من المرأة أن تعمل بكل طاقاتها وكأنّها لم تُنجب، بينما في المنزل يتوقّع المقرّبون منها أن تكون أمّا «مثالية ومتفانية» طوال الوقت كأنّها لا تعمل.



يؤكد المسلسل أنّ اكتئاب ما بعد الولادة ليس مزحة، ويتناول الموضوع من خلال الكوميديا السوداء. كذلك الأمر بالنسبة إلى الإجهاض وتبعاته النفسية والجسدية على سبيل المثال، مع التركيز على تحديات أساسية على شاكلة الرضاعة، وصورة الجسد والتصالح مع التغييرات التي طرأت عليه، والترابط مع الطفل، وشعور الأمهات بالذنب…
هذا ليس مجرد مسلسل عن نساء يحاولن استعادة طموحاتهن وتحدّي أنفسهن، بل يحرص على إظهار الجانب المظلم لحيواتهن الذي يرزحن تحته طوال الوقت. وبصمت في كثير من الأحيان. Workin’ Moms متفرّد ويناشد شريحة من الناس اليافعين، إلا أنّه في الوقت نفسه يملك خطاباً مختلفاً عن مئات الأعمال الدرامية المتوافرة على التلفزيونات ومنصات الـ «ستريمينغ». إنّه ببساطة مزيج جميل وجذاب وقاسٍ من الكوميديا والتراجيديا، يحاكي أبسط تفاصيل الحياة، مع وجهة نظر غير مألوفة في ما يتعلق بالتعامل مع موضوع حسّاس وملحّ وآني كهذا. وهذا ضروري في ظل قلّة الحكايات المروية بلسان النساء، خصوصاً الأمهات منهن. مع العلم بأنّ الصعوبة تكمن في تمثيل عدد أكبر من الناس والقدرة على التعبير بأسلوب أمين للواقع قدر الإمكان.