في عام 2016، شارك الفنّان اللبناني بسام سابا في ورشة تدريبيّة في ترشيحا (داخل فلسطين المحتلة عام 48)، مع فنّانين آخرين، بينهم الفنان الفلسطينيّ سيمون شاهين (ابن ترشيحا). وقد جاءت الورشةُ ضمن مهرجان «أوْتار شيحا». الجدير ذكرُه أنّ هذا المهرجان أُلغيَ بعد عاميْن من مشاركة سابا تلك، أي في حزيران 2018، بسبب تلقّيه (في هذا العام تحديداً) رعايةَ مؤسّساتٍ إسرائيليّةٍ متواطئةٍ مع الاحتلال (بينها مصرفٌ إسرائيليّ، هو مصرف «هبوعليم»). وقد جاء ذلك الإلغاءُ عقب تراجع الفنانين محمد عسّاف وعمر بشير عن المشاركة فيه، بعدما اقتنعا برأي «الحملة الفلسطينيّة للمقاطعة الأكاديميّة والثقافيّة لإسرائيل» الذي يفيد بأنّ المهرجان يتعارض مع معايير المقاطعة التي أرستها الحملة الفلسطينيّة. في عام 2018، عُيّن بسام سابا مديراً عامّاً للمعهد العالي للموسيقى (الكونسرفتوار) في لبنان، ورئيساً لمجلس إدارته. فغادر نيويورك، وقفل عائداً إلى وطنه. حملةُ المقاطعة في لبنان لم تكن تعلم أنّ سابا شارك في تلك الورشة التدريبيّة في فلسطين المحتلّة. لكنْ، في 6 شباط 2019، اتّصلتْ إعلاميّةٌ تابعة لمحطّةٍ تلفزيونيّةٍ لبنانيّة بأحد أعضاء الحملة، وطلبتْ إليه التعليق على مشاركة سابا المذكورة، فردّ بأنّ الحملة لا تُصدر بياناتٍ أو تعليقاتٍ قبل التأكّد من الوقائع الدامغة، وطلب إليها أن ترسلَ ما لديها من معلومات. فبعثت الإعلاميّةُ برابطٍ، لكن لم يكن في الخبر ولا تحت الصور اسمُ الأستاذ سابا. عضوُ الحملة قال للإعلاميّة إنّه، شخصيّاً، لا يعرف شكل سابا، وإنّ التحقّق من قضايا التطبيع «بدها شغل ونحن [حملة المقاطعة] كتير بطيئين بهيك قصص». بدا أنّ الإعلاميّة تفهّمت الوضعَ قائلةً: «ما تعتل همّ». وانتظرت الحملة تلك الليلةَ، وما بعدها مِن ليالٍ، أملاً في مشاهدة التقرير التلفزيوني. لكنْ يبدو أنّ النظر صُرف عنه.حملة المقاطعة في لبنان، بعد تيقّنها من خبر الورشة التدريبيّة في ترشيحا، وبعد حصولها على معلوماتٍ إضافيّة، تواصلت مع الأستاذ سابا، مدير الكونسرفتوار اللبناني، وأعلمته بأنّه خالف قانونَ مقاطعة «إسرائيل» بدخول فلسطين المحتلّة، بغضّ النظر عن أيّ جواز سفرٍ آخر، غيرِ لبناني، قد يَحمله، وبصرف النظر أيضاً عن دوافعه إلى المشاركة في تلك الورشة التدريبيّة. وقد أفاد سابا بأنّه «لم يكن يَعرف أنّ في زيارته الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة مخالفةً للقانون اللبنانيّ على الرغم من استخدامه جوازَ سفر أجنبيّاً». وأكّد أنّه «يَلتزم بالقانون اللبنانيّ الذي يَمنع اللبنانيين من دخول الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة». كما جزم بأنّه يؤيّد مقاطعةَ الكيان الصهيوني «مئةً في المئة»، وبأنّه في واقع الأمر كان ناشطاً في «حركة مقاطعة إسرائيل وسحبِ الاستثمارات منها وفرضِ العقوبات عليها» (بي.دي.أس BDS) في نيويورك.
حملةُ المقاطعة في لبنان تقدّر دوافعَ البعض، القوميّةَ والوطنيّةَ (غير التجاريّة)، للتواصل مع أهلنا داخل فلسطين المحتلّة عام 48. لكنّ الحملة تشجّع اللبنانيين على اجتراح وسائل تواصل معهم غير السفر المباشر إلى هناك، من قبيل: القيام بتسجيلاتِ فيديو مسبقة، أو إجراء محادثاتٍ مباشرةٍ معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتقنيّة السكايب بشكل خاصّ، أو دعوةِ بعض الشباب الفلسطينيّ داخل فلسطين 48 إلى السفر لملاقاة المدرِّب في الخارج لا العكس.
ذلك أنّ في دخول الكيان الصهيونيّ خرقاً للقانون اللبنانيّ أولاً، وخضوعاً لإجراءات العدوّ الأمنيّة على المعابر وانصياعاً لـ«موافقتِه» الرسميّة المسبقة ثانياً.
وفي هذه المناسبة، تجدّد الحملةُ دعوتَها الفنّانين والمثقّفين والرياضيين اللبنانيين كافّة، بل اللبنانيين كافّة أيضاً، إلى الالتزام بقانون مقاطعة «إسرائيل»، الذي يحظر على اللبنانيين التعاملَ مع هذا الكيان الغاصب «أيّاً كانت طبيعةُ» هذا التعامل. وهي تدعوهم، بشكلٍ خاصّ، إلى الامتناع عن دخول أراضي فلسطين المحتلّة من أيّ مَعْبرٍ كان. كما تدعو اللبنانيين جميعاً إلى رفض المشاركة في أيّ لقاءٍ مباشرٍ مع إسرائيليين أينما كانوا، وإلى رفض الانضمام إلى مهرجاناتٍ أو مؤتمرات أو ورش تدريبٍ تجري برعايةٍ إسرائيليّةٍ رسميّةٍ أو خاصّة.
إنّ المقاطعة الثقافيّة والرياضيّة والفنيّة والأكاديميّة للكيان الصهيوني في تسارعٍ عالميّ ملحوظ. والكيان يعيش عزلةً ملحوظةً في عددٍ كبيرٍ من المؤسّسات الجامعيّة والفنيّة والتقاعديّة والرياضيّة في العالم. وهجومُه للتطبيع مع عدد من الحكومات العربيّة، خلافاً لرغبة الشعب العربيّ بأكثريّته الساحقة، بفضل حملة «بي.دي. أس» وحملاتِ المقاطعة ومناهضةِ التطبيع في العالم، وخصوصاً في أقطار الوطن العربيّ، وعلى رأسها لبنان.

* حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان