تونس | صدّق «المجلس الوطني التأسيسي التونسي» (البرلمان) أوّل من أمس على الفصول الخمسة الأولى من الدستور الجديد للبلاد، رافضاً في الوقت نفسه اقتراحات بتضمين الدستور نصّاً يعدّ الإسلام «المصدر الأساسي» للتشريع. بذلك، نجحت القوى الديموقراطية في إمرار فصل في الدستور يضمن حرية التعبير والمعتقد والضمير، وفي المحافظة على الفصل الأول من الدستور القديم.
وينصّ الأخير على أن«تونس دولة حرة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها». لم يكن من السهل على الإعلاميين أن يخلقوا واقعاً على أرض حيث حركة «النهضة» تمنع الحفاظ على الطابع المدني للدولة. منذ نهاية انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١، بدأت معركة شرسة وصلت إلى حدّ تعنيف الإعلاميين والاعتداء على فضاءات ثقافية بسبب «المسّ بالمقدسات». إنّها التهمة الجاهزة التي يستعملها الناشطون الإسلاميون من أنصار «النهضة»، ومن حزب «التحرير» والتيارات السلفية، وتصوّر أن الإسلام «مهدّد من العلمانيين». على مدى أكثر من عامين، لم تتوقّف التظاهرات التي تنظمها جمعيات إسلامية للدفع نحو جعل الدستور الجديد للبلاد مؤسساً للدولة الدينية كما يتصوّرونها. لكن وجود نخبة منتصرة للتنوير مكّن من التصديق على توطئة الدستور.
التوافقات التي انتهى إليها أعضاء البرلمان، لم تمرّ بصمت على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام. بينما احتفى الديموقراطيون بهذا الانتصار، رأت صفحات «الشباب السلفي» وأنصار «النهضة» أن الحزب الحاكم «انصاع للإملاءات الخارجية وللعلمانيين وأعداء الإسلام». ورأت هذه الصفحات أنّ «النهضة» «خانت القضية ولم تدافع عن الإسلام الذي عدّوه مهدداً»، وخصوصاً حزب «التحرير» الذي «يطالب علناً بتطبيق الشريعة الإسلامية والعمل بدستور الإسلام وبناء الخلافة».