الجامعة اللبنانية الأميركية: المسرح يخرج من عزلته

  • 0
  • ض
  • ض

في كل صيف، تحتفي «الجامعة اللبنانية الأميركية» بـ «مهرجانها الدولي للمسرح الجامعي»، وفي كل عام تتسع بؤرة التحديات. في دورته الـ18 التي أتت مبكرة هذه السنة بسبب حلول شهر رمضان، يستضيف حرم الجامعة عروضاً مسرحية عدة، بالإضافة إلى حفلة موسيقية طلابية بعنوان «جاز في غرفة الجلوس» (Jazz in the living room)، وعرض خاص بـ «المؤسسة العربية للدمى والعرائس».

قضمت السنوات الأخيرة بكل ما فيها من ظروف سياسية وإقليمية من الطابع الدولي للمهرجان. هذا الحدث الذي انطلق عام ١٩٩٧، مستضيفاً عروضاً مسرحية جامعية من كل بقاع الأرض، بات محصوراً باستضافة ما تتيحه السفارات والقدرات المادية وما تسمح به وزارات الخارجية. في البدء، حُجبت الجامعات الأوروبية، ثم غاب المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق بعدما أتحف جمهور المهرجان بعروضه المميزة. اليوم، ينحصر الحضور الدولي بثلاثة بلدان (المغرب، الجزائر وتركيا) بعدما اعتذرت مصر في اللحظة الأخيرة. اذا ما أريد البحث في منبع تلك المشكلة، فالأمر يتلخص بـ «حرية التنقل» التي تنقسم في أغلب الأحيان إلى شقين: شق مادي وشق سياسي. طلاب «جامعة كوسوفو» مثلاً لم يتمكنوا من تقديم عرضهم في بيروت بسبب ضيق الحال المادية وعدم تمكنهم من الحصول على منح للسفر. أما الشق السياسي فهو غالباً مرتبط إما بتخوف البعض من زيارة لبنان وتحذير وزارات الخارجية، أو عدم الحصول على تأشيرات. لذا لن يحظى الجمهور إلا بمتعة التعرف إلى بضعة عروض من الخارج منها عرض «جامعة يديتيبي» في إسطنبول «Glengarry Glen Ross» (26/5 ــــ س:19:00) للكاتب الأميركي دايفيد ماميت الذي حاز جائزة «بوليتزر» عام ١٩٨٤. يتحدث العرض عن عميلين عقاريين يستخدمان كل الأساليب الملتوية للإيقاع بزبائنهما وتحصيل الأرباح. في سياق متصل، تقدم جامعة الجيلالي اليابس من الجزائر عرض «تحدي» (29/5 ـــــ س:21:00) من كتابة الطالبة والممثلة شهرة جلوت. تقول جلوت بأنها استوحت نصها المسرحي من قصة حقيقية عن «امرأة ناضلت كل حياتها لعيش حياة سعيدة لا تبلغها لأنها محاطة بزوجها السكير وبحماتها الشريرة». عرض ميلودرامي مبني على لعبة الممثل، يخلط بين المضحك والمبكي ويتولى إخراجه غانم بو عجاج.


حياة الثنائي وتخبط
الفرد داخلها تيمة تغلب
على العروض

أما عن العروض اللبنانية، فلطلاب «اللبنانية الأميركية» الحصة الأكبر من العروض (٥) تليها الجامعة اللبنانية (٢) و»جامعة بيروت العربية» في مشاركة نص من تأليف محمد السعودي وإخراج محمد المصري في حين توجه طلاب «اللبنانية والأميركية» لاختيار نصوص لأدباء مسرحيين عالميين كصموئيل بيكيت، وآرييل دورفمان ومايكل فرين وتوفيق الحكيم وغيرهم.
من العروض التي ينتظرها جمهور المهرجان عرض «الموت والعذراء» (27/5 ـــ س:20:30ـــ اخراج عبير الصياح – الجامعة اللبنانية). إنّه نص شهير لآرييل دورفمان ينقل حكاية بولينا التي تتعرض «للاعتقال والاغتصاب والتعذيب في ظل الحكم الديكتاتوري في بلدها». بعد سنوات عديدة وإثر تحول الحكم في بلدها إلى حكم ديمقراطي، تلتقي بالـ «دكتور ميرندا» المضطهِد والمغتصِب، وتراوح رغباتها بين الانتقام والقتل أو المعاقبة وفقاً للقانون.
وفي «بويز ايداهو» (27/5 ـــ س: 19:45 ـــ اخراج شادي كنج LAU)، يجتمع عاشقان لتناول الغداء في أحد المقاهي، وإذا بهما يلتقيان براو يحب حياكة القصص حول الأشخاص الذين يحيطون به. هنا، يتبدل كل شيء: وتختلط الأمور على العشيقين وتتبدل مصائرهما.
يبدو أن حياة الثنائي وتخبط الفرد داخلها تشكل اهتماماً لدى طلاب المسرح. إذ تولت باتريسيا سميرة (الجامعة اللبنانية) ترجمة نص «هنا» (27/5 ــ س:19:00) لمايكل فرين، حيث ينتقل زوجان شابان إلى شقة جديدة ويتناقشان في قالب «كوميدي فلسفي» حول كيفية اتخاذ القرارات. كذلك، عمل كل من جاد جبارة وديانا قريطم على «أريد هذا الرجل» (اليوم ـ س:19:00) لتوفيق الحكيم على حياة الثنائي. لكن التركيز يكمن هذه المرة على «واقع المرأة العربية وحرمانها من أبسط حقوقها الاجتماعية مثل التقدم للزواج ممن تحب».
كما سيشهد افتتاح المهرجان اليوم تقديم النسخة المسرحية من فيلم تيم بورتون التحريكي «العروس الجثة» (س:19:45) من إخراج الطالبة رايا وهاب من «الجامعة اللبنانية الأميركية»، وسوف يقدم مقتطفات من «Another night on Broadway” من إخراج روي خوري الذي يتم عرضه على مسرح «كازينو لبنان».
وجرياً على تقليد لقاءات الساعة الخامسة والنصف الذي تم إرساؤه العام الماضي بهدف إتاحة فرصة للنقاش والتحاور ولاستضافة مسرحيين يحلون كضيوف على المهرجان لتشارك تجاربهم، سوف تلقي تلك الحوارات الضوء هذا العام على الفعاليات والمبادرات المسرحية التي يتم توظيفها لهدف اجتماعي أو الأعمال المسرحية التي يتم فيها اشراك الناس في عملية بناء العرض بحد ذاته وهي عملية تفاعلية تشاركية.
هي اذاً عروض تتمدد لتشمل كل فضاءات الجامعة، حتى تلك التي لم تخصص للمسرح كـ «قاعة الشيخ زايد للفنون التشكيلية» أو الباحة المحيطة بمبنى الفنون. وهنا يكمن التحدي الذي تشدّد عليه منى كنيعو، أستاذة مادة المسرح في الجامعة. هي تحث طلابها دائماً كمخرجين وكممثلين مستقبليين إلى الخروج من دائرة الراحة الخاصة بهم وتقديم عروضهم خارج الفضاء الأصلي للعرض. حينها، تبنى علاقة متبدلة بين النص وعناصر الفرجة وبين الجمهور، بين الممثل الذي يؤدي دوره في مسرح العلبة الإيطالية أو في مسرح روماني الطابع نصف دائرة أو في الفضاء الطلق. هو سعي حثيث من قبل كنيعو للكسر. كسر السائد وكسر الهالة عن المسرح والخروج به خارج المباني والفضاءات المخصصة له.

* “المهرجان الدولي للمسرح الجامعي”: بدءاً من اليوم حتى 29 أيار (مايو) ـــ “الجامعة اللبنانية الأميركية” LAU ـــ للاستعلام: 01/786464 - 03/791314

  • من «أريد هذا الرجل» المقتبس عن نص توفيق الحكيم

    من «أريد هذا الرجل» المقتبس عن نص توفيق الحكيم

0 تعليق

التعليقات