كان متوقّعاً ألا تسلم الدراما السورية من الفوضى العارمة، التي باتت تسيّج دمشق هذه الأيام. وربما من المنطقي أن تتسلل تبعات الحرب إلى عمق الصناعة المحليّة الأبرز، متمثلة في استباحة أكبر للمهنة، سواء من جهة المنتجين أو المخرجين أو الكتّاب. ربما ينطبق هذا الكلام على مسلسل «دومينو» (بطولة بسام كوسا، وسلافة معمار، وصفاء سلطان، وعبد المنعم عمايري، وسامر اسماعيل). نص المسلسل كتبته بثينة عوض وغسّان عقلة، قبل أن تعيد صياغته بشراكة المونيتير فادي سليم الذي سبق له أن توجّه إلى الإخراج وأدار دفة مسلسلين لم يكتب لهما الحد الأدنى من النجاح، حتى إن أحدهما ظل حبيس الأشرطة من دون أن يلمح النور.
أشار المخرج فادي سليم الى أنه لا يعرف سبب
الحرب على عمله

سرعان ما ظهر خلاف من خلال إغفال مقصود لاسم الكاتبة في الأخبار الصحافية من دون تجرّئها على الحديث العلني عن السبب، بل اعتبرته خلافاً عابراً سيحل مع الوقت. بعدها، اعتذر النجم معتصم النهار عن عدم أداء دور البطولة لمصلحة انضمامه إلى «العراب ــ تحت الحزام» (خالد خليفة وحاتم علي ــ الأخبار 12/3/2016). ثم لاحقت أخبار تأجيل المسلسل بعد وعكة صحية تعرّضت لها النجمة سلافة معمار. لكن صنّاعه نفوا إيقاف التصوير من خلال بيان طويل، أرسلوه إلى عدد من وسائل الإعلام. وأمس، استفاق الوسط الفني السوري على خبر يفيد بصدور قرار قضائي يمنع إكمال تصوير «دومينو» بسبب تنازع على ملكيته، علماً بأن مصادر موثوقة صرّحت لنا عن أخذ المسلسل موافقة بيع مبدئية لمصلحة شبكة mbc، على أن يتخذ القرار النهائي فور جاهزية العرض. حول هذا الموضوع، يقول المحامي عاطف جاويش وكيل شركة «صبا للإنتاج الفني» (نمير عبّاس) التي تدّعي ملكيتها لحقوق إنتاج المسلسل: «القرارات القضائية علنية وليست سرية، والقرار صادر عن محكمة البداية التاسعة في دمشق، وهو قرار غير قطعي وقابل للطعن ويبقى الصلح سيد الأحكام، وخاصة أننا لا نريد أن يلحق بالدراما السورية أي سوء».
وفي اتصال مع فادي سليم، يؤكد مخرج ومنتج المسلسل وصاحب شركة «فونيكس غروب» لـ«الأخبار» أن تصويره مستمر، مضيفاً أنّه «لا يعرف سبب هذه الحرب الشعواء ضد مسلسله». وتابع «أكلّمكم من موقع التصوير. بعدما كان مقرراً أن نذهب اليوم إلى المونتاج، ارتأيت أن تدور الكاميرا حتى نفوّت فرصة على الشائعات. ودعني أوضح لك سراً، كان يفترض بشركة «صبا» المختصة بالمنظفات وهي غير مسجلة في «لجنة صناعة السينما» أن تنتج العمل. لكن عندما انتظرنا وقتاً طويلاً ووصلتني رسالة من مدير الشركة تؤكد أنه لا إمكانية للدخول في التصوير لعدم توافر السيولة الكافية، تحرّكت على هذا الأساس وبدأت بإنتاج المسلسل كوني أحد عرّابيه». نقرأ على مسامع المخرج السوري نص القرار القضائي الصادر بتاريخ 11 أيار (يوليو) الذي يفيد بوقف التعدّي بالنسبة إلى حقوق الجهة المدعية في ما يتعلّق بحقوق المدعى عليه غسان عقلة ووقف صناعة مسلسل «دومينو» ووضع القرار في عهدة «دائرة التنفيذ في دمشق». يرد سليم بشكل قاطع: «القرار اتخذ ضد عقلة بالاسم لأنه موجود في ألمانيا، والكاتب أرسل لي تنازله الخطي مرة جديدة درءاً لأي مشكلة، وحتى أفيدكم بمعلومة خطيرة فالقرار صدر بعدما رُد من محكمتين لعدم الاختصاص، واتخذ بناء على عقد مزوّر قدّم للقضاء، ويفيد بتنازل كاذب لغسان عقلة، وعليكم أن تنتبهوا إلى أن عقلة خارج البلد، وإلى حرج التوقيت قبيل موسم العرض بأقل من شهر، ثم الحديث عن الصلح سيد الأحكام الذي هو تمهيد لابتزاز مادي لا أكثر ولا أقل». بعد ذلك، ينحو مخرج «فارس وخمس عوانس» باتجاه لغة تهديدية واضحة ضد خصومه كونه «سيفجّر بعد غد الأحد مفاجأة ستضع حداً للتطاول على مسلسله والتلاعب بأوراق رسمية» بحد زعمه، من دون أن يوفر من تهديده كلّ من سينشر شيئاً مسيئاً لمسلسله! نضع كلامه كاملاً في عهدة نمير عبّاس مدير «شركة صبا»، فيرد باختصار: «لن ندخل في مثل هذه المهاترات، ولن نصادر حق أحد في الصراخ المجاني، حتى إننا لجأنا إلى القضاء بغية تحصيل حقّنا، ونحن أخذنا حكماً قضائياً سنباشر في تنفيذه سريعاً، والحكم أعطي بناء على وثائق تثبت ملكيّتنا للنص والفكرة وقد دفعنا ثمن ذلك كاملاً». أيام قليلة تفصل المشاهد عن رمضان، وربما تعكر هذه الإشكاليات صفو مسلسل يقارب عالم المافيات، كان على وشك أن يحصد مساحة هامة على خريطة الفضاء الرمضاني!