نور خالد
كان فيلم “أنياب” (1981) ورطة للجميع: مخرجه محمد شبل، تلميذ يوسف شاهين، الذي أراد أن يقدم أول فيلم تجريبي في تاريخ السينما المصرية، حسن الإمام الذي ظهر على الشاشة ممثلاً، شركة مصر العالمية المنتجة للفيلم، والممثلين المشاركين فيه...
أراد شبل أن يقدم فيلماً تجريبياً، فلجأ الى شخصية دراكولا، مصاص الدماء، و“مصرنَها” في إطار من الإسقاطات السياسية التي حاولت تعرية الفساد و“خفافيشه”... لكن المعالجة السينمائية جاءت هزيلة حد السذاجة، وكرتونية حد الملل.
انتقد الجمهور ضحكة حسن إمام التي زجت في معظم مشاهد الفيلم بطريقة فجّة، وقالوا إنها “شبيهة بضحكة راقصات أفلامه، و يبدو أنه لن يتخلص أبداً من تأثيرهن في أدائه”.
شركة مصر العالمية، منتجة أفلام يوسف شاهين وأسماء البكري وبعض أفلام يسري نصر الله وغيرهم، تورطت أيضاً في المشاركة في انتاج الفيلم الذي لم يذهب أحد لمشاهدته في دور السينما على الرغم من أن بطله كان... أحمد عدوية. أراد شبل أن يستفيد من الصخب الذي “فرقعه” عدوية في الثمانينيات، وأن يضع النكهة الشعبية في فيلم اعتقد أنه سيكون فتحاً جديداً في السينما المصرية، وتأريخاً للفيلم التجريبي السريالي الفنتازي الذي أخفقت تلك السينما في تنفيذه (إلا في بعض تجارب لاحقة لرأفت الميهي وشذرات في أفلام شاهين).
اذاً، أحمد عدوية مصاص دماء في قصر مهجور. شيء من «الاكزوتيك» الذي كان ليشكل فرقاً لو أن المخرج شبل، كاتب القصة والسيناريو أيضاً، كان متمكناً من أدواته: الديكورات هزيلة، حركة الكاميرا مرتبكة، الإخفاق في سرد تفاصيل تاريخ دراكولا من قلعة بنسلفانيا الرومانية، وصولاً الى حارات القاهرة، إضافة الى الاستخدام التجاري لأغاني عدوية، والظهور الباهت لمنى جبر وحسن الإمام... كل تلك العوامل تضافرت لتعطي مثالاً واضحاً عن إخفاق الأحلام التجريبية في السينما المصرية.
في الفيلم، يدخل الخطيبان منى وعلي قصراً مهجوراً، ويكتشفان أنه مسكون بمصاصي الدماء وزعيمهم دراكولا. ويظهر دراكولا خارج القصر في صور مختلفة للاستغلال والجشع مثل السبّاك والطبيب وسائق التاكسي وصاحب العمارة وغيرهم. يقرر أحد مساعدي دراكولا الانقلاب عليه فتعاونه منى وعلي، وينزعون الستائر فينفذ ضوء الشمس إلى داخل القصر ليحرق دراكولا وأعوانه، ويتخلص العالم من شرورهم. بعد سنوات من إخراج فيلمه الأول، قدم شبل فيلم التعويذة (1987) الذي حاكى عالم الجن، في توكيد على رغبة المخرج المستمرة في تقديم تيمة جديدة في السينما المصرية. لاقى الفيلم بعض النجاح، على عكس فيلمه اللاحق “كابوس”، قبل أن يختم مشواره لفيلم لم يحقق أي شيء يذكر هو “غرام وانتقام بالساطور” (1992).
توفي شبل بعد ذلك بعام، تاركاً أثراً سينمائياً طيباً، يعوّض عن إخفاقه في تحقيق أحلامه. قدّم فيلماً تسجيلياً عن حياة أستاذه شاهين، ربما يكون أفضل ما قدم حتى اليوم عن صاحب “المهاجر” و“باب الحديد”.

الثامنة والنصف مساء على قناة “ميلودي أفلام”.