كميل سلامة يحصي «إنجازات حياته»

  • 0
  • ض
  • ض

بعد غياب سنوات عن الخشبة، يعود الكاتب والمخرج اللبناني إلى «مسرح الجميزة» ليقدّم عرضه الجديد الذي يعيد فيه رثاء حال الممثل اليوم

يقدّم الكاتب والمخرج كميل سلامة عمله الجديد «إنجازات حياة» (تأليفه وإخراجه) على «مسرح الجميزة» بعدما غاب عن جمهوره لسنوات ليست بقليلة رغم أنه عوّض عن هذا الغياب المسرحي بحضوره السينمائي كممثل في أفلام عدة آخرها حضوره في فيلمي «طالع نازل» و«عكر». يبدو عرض «إنجازات حياة» امتداداً لـ «كيف هالتمثيل معك» الذي قدّم للمرة الأولى عام ٢٠٠٨، راثياً «حال الممثل في لبنان» (الأخبار 21/2/2008). ويبدو أن مرثية واقع الممثل ما زالت قائمة حتى اليوم لدى سلامة الذي ــ وللمفارقة ــ تسلّم جائزة «الموريكس» قبل أشهر بصفته بطل فيلم «طالع نازل» الذي حاز جائزة أفضل فيلم. الجائزة كانت أيضاً تكريماً لمجمل أعمال سلامة التي تنوعت بين التمثيل والإخراج والكتابة. ترسّخ كميل سلامة في ذاكرتنا التلفزيونية بعد لعبه دور «وليم» في مسلسل «عشرة عبيد زغار» (١٩٧٤) حيث بدأ يكتسب شهرته. ومن هنا بدأ يكتسب شهرته.

أسرته شخصية «عشرة عبيد زغار»، فكان سجينها أينما حل
استوحى سلامة من النقطتين أعلاه ليرسم حدود حكاية شخصيته الرئيسية في عرض «إنجازات حياة» أو Life achievements كما ذكر: ممثل (كميل سلامة) لا نسمع باسمه طوال فترة العرض، يتسلم جائزة عن "إنجازات حياته". هذه هي الحكاية، أما تفاصيلها فتتراوح بين مجموعة من مشاهد الـ "فلاش باك" التي تعيدنا إلى مراحل ثلاث من حياة هذا الممثل. في حين ينحصر الزمن الدرامي الأول للعرض في خطاب أراد الممثل أن يوجهه إثر حصوله على الجائزة، يتقاطع هذا الخطاب مع مراحل عدة أراد الممثل أن يحدثنا عنها. هكذا، عاد به الزمن إلى المستشفى. المستشفى حيث ولد، والمستشفى حيث تم استئصال زائدته بعد فشل علاقة حب، والمستشفى حيث ينتظر رؤية «التونيل الأبيض». في نهاية العرض، نكتشف أن هذا الخطاب ينتمي إلى زمن غير زمن الأحياء وأن الجائزة سلّمت بعد وفاته. أراد سلامة أن يبرز من خلال أحداث «بورلسكية الطابع» ضحالة جائزة «انجازات الحياة» تلك أمام أمور بسيطة وتافهة كامنة في يومياتنا لتعري عدم جدوى مناسبات مماثلة. ولا عجب هنا وقوع الكاتب على خيار استئصال «الزائدة» بين كل الأعضاء الأخرى التي كان ممكناً استئصالها أو العوارض المرضية التي قد ترافق انفصالاً بين حبيبين. لقد اختار الزائدة في إيحاء منه لموقف شخصيته من الجائزة التكريمية. هذا الرجل الذي لم يتزوج، أسرته شخصية «عشرة عبيد زغار»، فكان سجينها أينما حل: في لحظة «مغصه الكبير»، أتى المعجبون حاملين فائضاً من الهلوسات التطفلية في وقتٍ جل ما كان يحتاجه هو أن «يُهوِّي». أمرٌ بات مصيرياً بالنسبة إلى الممثل الذي انتظر يومين من دون جدوى إلى أن أتى الفرج. فكان الصوت مجلجلاً ذا وقع أشبه بطفل صغير يقول كلمة «ماما» للمرة الأولى فيحتفى به. هكذا أراد كميل سلامة أن يبدأ بتحطيم صورة الفنان الشهير الذي ينعم برفاهية العيش. أثناء مروره على المحطات الثلاث تلك في فضاء المستشفى، استحضر كميل سلامة شخصيات مضحكة ومحببة: فكانت جدتاه أم اسكندر وأم الياس أول من صادفهم لدى ولادته. واحدة أذنها اليمنى طرشاء، والأخرى أذنها اليسرى طرشاء. «ميكانيسم» يسمح لكل من السيدتين باختيار ما تودان أو ما لا تودان سماعه. شخصية نينو وشخصية الممرضة نظيرة والمكانيسيان... كلها أجاد سلامة رسمها كشخصيات كاريكاتورية تذكرنا بعض الشيء بروح مسلسل «بيت خالتي». برع الممثلون جميعاً في أداء شخصياتهم، وبرزت منهم جيزيل بويز، وفؤاد يمين الذي لعب دور الممثل وهو شاب، ولارين خوري. كما برع كميل سلامة في صدق أدائه الذي كان مختلفاً نمطياً عن أداء باقي الممثلين. مع ذلك، بقي العرض على حافة البوح: مراحل أو مواقف لم يذهب بها الكاتب إلى أقصاها. كان ممكناً للمعالجة الدرامية أن تكون أغنى وأكثر تكثيفاً. إذا ما أخذنا مشهد مراقبة الممثل لمشهد العزاء الخاص به بعدما فارق الحياة، اختصر الموقف على تفصيلين صغيرين في حين قد يعبق طقس العزاء بمواقف مضحكة تصاعدية كثيرة قد تصل بمأساة حياة الممثل إلى ذروتها في حين كان ممكناً تفادي إطالات المشهد الأول. الجميل أن بيروت حافلة بعروض كلها جديرة بالمشاهدة رغم وجود بعض الثغرات هنا وهناك و«إنجازات حياة» هي واحد من تلك العروض. هذا يعدّ إنجازاً لبيروت المدينة التي تحاول استعادة بعض ألقها. «إنجازات حياة»: حتى 20 كانون الأول (ديسمبر) ــــ «مسرح الجميزة» (بيروت) ـــ للاستعلام: 76/409109

  • من اليمين: جيزيل بويز، وفؤاد يمين، ولارين خوري

    من اليمين: جيزيل بويز، وفؤاد يمين، ولارين خوري

0 تعليق

التعليقات