«لم ولن تنهزم المقاومة»، يقول ملحم الحجيري (55 عاماً)، الذي عرفته مواجهات خلدة إبّان التصدّي للاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف 1982. يروي صانع أحجار الزينة اليوم، من مقلعه في أعالي جرود بلدته عرسال، كيف صنع ورفاقه، في الاتحاد الاشتراكي العربي الذي كان ينتمي إليه، ملاحم بطولية في خلدة، جنباً إلى جنب مع قوات الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية وحركة أمل.
يحكي قصة مواجهات خلدة كأنها تحصل الآن أمامه. لا ينسى خلال سرد سيرته ورفاقه في الاتحاد أدّق تفاصيل المواجهات، وكيف كبّدوا العدو خسائر بشرية جسيمة، مدمرين دباباته بقذائف «الآر. بي. جي»، وكيف أفشلوا أكثر من إنزال بحري لتطويق بيروت من جنوبها واحتلال مطارها والتلال المشرفة عليه.
يقول: «كان على تلال خلدة موقع للجيش السوري يضم راداراً تعرّض لغارة جوية يوم 9 حزيران 1982. بعد الغارة، بدأ الإنزال الاسرائيلي البحري، الذي أمطره الجيش السوري بقذائف مدفعية، فيما انتشرت مجموعاتنا نحو الخط الساحلي، وزرعت الكمائن لمنع العدو من السيطرة على مثلث خلدة».
بعدما نجح العدو في تجاوز القصف المدفعي السوري إثر تعرّض مرابض الجيش السوري لغارات جوية، بدأ الاشتباك مع الاحتلال. وكانت مجموعات المقاومة قد توزّعت من الفاميلي بيتش وغاليري حوحو حتى مدينة الزهراء، حيث كان مقاتلو حركة أمل. يروي ملحم أنه «قبل الالتحام المباشر، سمعنا طلقات رشاشة. اعتقدنا للوهلة الأولى أن اشتباكاً حصل بين مجموعات من فصائل فلسطينية». توجه مع مجموعة من مقاتلي الاتحاد الاشتراكي لاستطلاع الأمر «وإذا بنا نشاهد دبابات العدو. على الفور، أصدرت أمراً بالتصدّي للتقدّم، فرمى أحد الإخوة قذيقة B7 على الدبابة الأولى فأخطأ هدفه. تدخل أخ ثان ورمى قذيقة أخرى فأصابه». وصلت مجموعات إسناد تابعة للاتحاد الاشتراكي وحركة فتح والجبهة الشعبية (جناح جورج حبش) و«دارت معركة لن أنساها، ولن أنسى كيف قفز أحد إخوتنا من البناية ورمى قنابله اليدوية داخل دبابة، وكيف أجهز على أحد جنود العدو».
أوقف ملحم الحجيري ورفاقه التقدم الإسرائيلي الأول على محور مثلث خلدة، بعد تدمير 3 دبابات وإعطاب أخريات. «وعندما بدأ غروب الشمس يسيطر على محور خلدة، توزّعت مجموعات من حملة قواذف الـB7 في كمائنها، بعدما تلقينا دعماً من حركة فتح والجبهة الشعبية والصاعقة». مع حلول ساعات المساء الأولى، حاول العدو التقدّم مجدّداً نحو مثلث خلدة بعد تنفيذه غارات جوية وقصف مدفعي لسحب دباباته المدمرة وإجلاء قتلاه وجرحاه، و«مع حلول الليل خضنا مواجهة ثانية مع دبابات العدو، واستطعنا إيقاف محاولته الثانية بعد وصول مجموعات دعم من فتح والاتحاد الاشتراكي العربي وأحزاب الحركة الوطنية».
يضيف الحجيري إنه إثر إفشال محاولة التقدّم الإسرائيلية الثانية «عقدنا اجتماعاً تنسيقياً لقادة القوات المقاومة للعدو في ملجأ بناية تعرض محيطها لغارة جوية، غادرنا وكان قد انبلج فجر 10 حزيران، حيث أعدنا انتشارنا ورفع السواتر الترابية وتوزيع الكمائن من جديد».
في اليوم التالي، أجرى الحجيري اتصالاً بحركة أمل في مدينة الزهراء «وضعت مع أحد قادتها، وهو من بلدة مقنة البقاعية، خطة مواجهة جديدة تكون بعيدة عن مدينة الزهراء، وشكلنا غرفة عمليات مشتركة بقيت موحدة لثلاثة أيام، إلى أن استطاع العدو الوصول الى صحراء الشويفات من محور عرمون، تمهيداً لفرض طوق حول مثلث خلدة بعد فشله في التقدّم أكثر من مرة». نجح الحجيري ورفاقه، مع حركة أمل، في منع العدو من التقدم على محور خلدة أكثر من مرة، و«في المحاولة الرابعة استطاع أحد الإخوة السيطرة على ملالة للعدو وأحضرها الى مركزنا، حيث سلّمناها إلى الإخوة في حركة أمل بهدف نقلها الى مركزها في الضاحية الجنوبية».
بقي الحجيري ومجموعته في خلدة حتى 13 حزيران. بعدها تلقى أمراً من قيادته بوجوب الاجتماع مع اللجنة العسكرية في بيروت لوضع خطة مواجهة جديدة، ودراسة إمكانية الصمود في خلدة بعدما أصبحت «جيباً صغيراً يقاوم ضمن الأراضي المحتلة من العدو». توجه الحجيري الى مقر قيادته، حيث تم تقدير الوضع الميداني «أبلغت قيادتي أنه يمكن أن نقاوم أياماً عدة ما دامت الذخائر متوافرة، وسوف أتشاور مع حركة أمل الموجودة هناك ليكون التقدير مشتركاً». عقد الحجيري اجتماعاً عسكرياً مع حركة أمل في الأوزاعي «درسنا معاً الواقع الميداني، حيث تبين لنا أننا أصبحنا داخل طوق العدو بعد احتلاله المدرج الشرقي للمطار وأن المناورة أصبحت محدودة، فقرّرنا سحب قواتنا وإعادة الانتشار تمهيداً لمعركة بيروت ومنع احتلالها ووضع كمائن على محاور الضاحية الجنوبية لمنع تقدم العدو».
معركة خلدة التي سطر فيها ملحم الحجيري ورفاقه أسطورة في المواجهة، قتل فيها نائب رئيس الأركان الإسرائيلي يوئيل آدم، وقتل فيها أيضاً 10 جنود وفق اعترافات العدو وتدمير ما لا يقل عن 15 دبابة وآلية. ويقول الحجيري: «لن أنسى بطولات العقيد الفلسطيني الشهيد عبد الله صيام (استشهد خلال محاولة استعادة صحراء الشويفات وتلال عرمون بعد معركة خلدة). لقد خضنا أقوى المعارك مع العدو خلال اجتياحه للبنان في خلدة، وأوقفنا تقدّم فرقة مدرّعة كاملة (فرقة الجنرال آموس يارين). دمرنا السرية الأولى منها، وسحبنا عربة مدرعة (M113). يضيف الحجيري، الذي أصيب لاحقاً خلال حصار بيروت في 4 تموز 1982 «بعد مواجهاتنا في خلدة، تسلمت محور عين المريسة حتى الأوزاعي، ونصبنا كقوات مشتركة فلسطينية ـــ لبنانية مرابض مدفعية وراجمات صواريخ، وكان الصمود الأسطوري في بيروت قبل أن تأتي جرافات وتزيل السواتر التربية بحجة التنظيف».
4 تعليق
التعليقات
-
ابناء البقاع المقاومونالاخ ملحم الحجيري هو مثال عن اهل البقاع ... كلما يقص والدي عن انجازات المقاومون الشرفاء في تلك الحرب ... اشعر بمزيد من الفخر .... اشعر بفخر الانتماء الى حزب مقاوم كحزب الاتحاد... اشعر بفخر الصداقه التي جمعت والدي بالاخ ملحم الحجيري ... اشعر بالفخر ان والدي كان مشاركا في تلك المعركه... سنبقى دائما اوفياء لذلك النهج الذي مازال مستمرا. شكرا عفيف دياب
-
كلنا فداء للوطنلقد استشهد والدي (الشهيد العقيد عبدالله صيام) في معركة خلدة، بعد أن قام بنسف سيارته برتل دبابات تابعة للعدو الصهيوني، مما أخر تقدم العدو لأسبوع. كلنا فداء للعروبة ولوطننا العربي من المحيط إلى الخليج، لم نركع ولن نركع وسنقاتل حتى آخر نفس في آخر رجل حر من أحرار أمتنا العربية الأبية.
-
لبنان ارض المقاومه الابديهواخي ايضاً كان هناك ، لمن يعرف أوتيل الميرادور والفاميلي بيتش والمبرة ، نعم كان ابطال لبنان هناك ،،، دمروا دبابات العدو وأوقفوا تقدمه السريع نحو العاصمه لإكمال حصارها ،، نعم كان اخي هناك ولم اكن ، حيث كان الأبطال كلهم هناك . ناصريون كانوا شيوعيون كانو واسلاميون كانوا ،،، وبلا انتماء ايضاً كانوا ومسيحيين وطنيين كانوا وما زالوا كلهم دافعوا عن الوطن كلهم طلبوا الشهادة فمنهم من نالها ومنهم من أصيب ومنهم ما زال ينتظر معركته الفاصله نعم نعم كلهم دفعوا ضريبه الدم حيث لا يجرؤ الآخرون كلنا للبنان كلنا جمول
-
بيروت والصموداليوم الخامس عشر من أيلول انه بدايه غزو بيروت من محاورها الثلاثه انبلج الفجر على هدير طائرات العدو ركض الناس وهربوا من محيط المدينه الرياضيه وهم يصرخون دخل العدو شاهدت اخي واخي بالناضل يتابعون حركه العدو بالمنظار سالت فقالوا نعم لقد تم غدرنا قبل ايام فتحت الطرقات المقطوعه بالسواتر الترابيه ، لمنع تقدم العدو واعاقته اتفق علينا خارجا وبمبادرة داخليه ومساعدة نحن المقاومون اللذين صمدنا وما زلنا ،قررنا المواجهة وبمبادرة فرديه من والدي وشباب منطقتي وإخوان لنا وبداءت المواجهة من محاور ثلاثه للدفاع عن بيروت وثانياً عن منطقتي وبيتي وأهلي وكل شريف يابئ ان تطاء أقدام الاسرائيلي ارضه وتدنسها، على محور كراج درويش بداء اطلاق الرصاص وقذائف الاربي جي ، وعلى محور كليه الهندسه، الحوري ايضاً، وعلى محور نادي بلدنا (نادي تابع للجبهه العربيه) ، دمرته طائرات العدو في بدايه العدوان حيث تمركزت دبابات العدو وجنودة ، داخل قاعاتها، أتى الشباب من كل احياء الطريق الجديده ،منهم من استشهد ومنهم أصيب ومنهم لا يزال حياً يرزق ليروي قصص البطوله الغائبه للكثيرين شباب في عمر الزهور حملوا قواذفهم وصواريخهم ودافعوا صدوا وردوا العدو ما استطعوا بعدة طلقات اصبت في مختلف أنحاء جسدي مما زاد رفاقي قوة وشجاعه وعزم باءن لا يدخل العدو الغاصب منطقتنا، تمركز العدو بمبنى كليه الاعلام والتوثيق ، قصفناهم حتى سمع عويل جرحاهم زادوا قصفاً وقوات زدنا عزيمه واصرار من محور الكولا صعوداً حتى جامع الحوري وكليه الهندسه ونادي بلدنا لا اثر للعدو ودباباته ، استشهد اثنان من ابناء المنطقه ، وما زال الشباب صامدون الى يومنا هذارحم الله الشهداء والأحياء اللذين ما زالوا متربصين للعدو.