أصحاب الدعوة، هذه المرّة، هم فقط نساء عاديات وأقارب مفجوعون. إنهم أهالي وجيران الضحيّة رولا يعقوب. أشخاص عاشوا مع معنِّف وأصابتهم جريمته مباشرة، فقرّروا، ولو بعد فوات الأوان على رولا، أن ينتفضوا ويرفعوا صوتهم لعلّهم ينقذون أخريات. دعوا الى التحرّك في الشارع. نهار الأحد، في الحادية عشرة صباحاً، ينظّمون وقفة احتجاجيّة في ساحة حلبا، أطلقوا عليها عنوان «رولا ماتت بس صوتها ما مات».
بعض الجمعيات النسائية، التي بقيت صامتة طوال الفترة الماضية رغم بشاعة الجريمة، ستستدرك الأمور وتستعيد المبادرة. تبنّت جمعية «كفى عنف واستغلال» التحرّك الذي ينظّمه الأهالي في حلبا، علما ان الجمعية ستنظم اعتصاماً آخر عند العاشرة والنصف من قبل ظهر الإثنين في ساحة رياض الصلح، تزامناً مع انعقاد اجتماع اللّجان النيابية المشتركة، التي ستناقش مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، البند الرقم 1.
في الاطار نفسه، عقد اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضدّ المرأة اجتماعا امس ناقش فيه مذكّرة سيرسلها إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، واستنكر الجريمة التي استهدفت رولا يعقوب ومحاولات «لفلفة» الموضوع من قبل بعض النوّاب. وذكّرت المذكّرة بالتعديلات التي تقدّم بها «اللقاء» على قانون العقوبات منذ أكثر من ستّ سنوات إلى المجلس النيابي، كما دعت إلى إقرار مشروع قانون حماية المرأة من العنف الأسري، الذي تقدّمت به جمعية «كفى». قرّرت النساء خلال النقاش أمس، تأليف لجنة لتسليم المذكّرة إلى الرئيس نبيه بري شخصياً، وتنظيم اعتصام داعم للمذكّرة بمحاذاة عين التينة، من أجل لفت نظر الإعلام إلى الخطوة، كما قرّر «اللقاء» المشاركة في الاعتصامين الأحد كما الإثنين، وفي أيّ اعتصام، يحدّد من أجل خلق قوّة ضغط كبيرة على المجلس النيابي لإقرار القانون بأسرع وقت ممكن.
خلال النقاش بدأت تظهر المشاكل التي تسبق عادة الاعتصامات المطلبيّة كلّها. إحدى النساء المشاركات في الاجتماع احتجّت على التوقيت المبكر للاعتصام في شهر رمضان! وبعد التوضيح لها أنّ التوقيت اختير تزامناً مع انعقاد اللجنة النيابية، أصرّت على أنّها تعرف كثيرات لن يحضرن بسبب التوقيت المبكر. ورأت المجتمعات أنّ الحملات والاعتصامات يجب ألّا تتركّز الآن فقط على قضيّة رولا يعقوب، إذ إنّ الضحيّة الأخرى اليوم التي لا يزال بالإمكان إنقاذها هي ردينة ملاعب. ورأت المجتمعات أنّه رغم أنّ الجريمة البشعة نفذّت بحقّ ربيع، زوج ردينة، إلاّ أنّ خلفيّة الحادثة ليست إلاّ العنف ضدّ المرأة، إذ إنّه ليس من حق ردينة أن تحب وتتزوّج من تريد، بل ستعاقب على خياراتها وتساق إلى «عدالة» الطائفة.