وكان تحويل الأموال في الفترة السابقة يتم عبر صندوق ائتماني وليس مباشرة إلى الوزارة، ما يشي بفشل الإدارة التربوية في تنظيم المساعدات والهبات، وبعجز المؤسسات الرقابية الوطنية عن التدقيق والمراقبة. وجزء من اهتمام هذا الصندوق هو تسجيل التلامذة السوريين في المدارس الخاصة، ما أدى الى تراجع أعدادهم في المدارس الرسمية لفترة ما بعد الظهر. والوزير هو من أبرم عقوداً وهمية لمستشارين بآلاف الدولارات، وهو من سكت على الرشى التي يتقاضاها موظفون في وزارته، تبدأ بـ 500 دولار ولا تنتهي بـ«ليرات ذهب»، وهو من تغاضى أيضاً عن إعطاء المدير العام عماد الأشقر موافقات استثنائية لمدارس خاصة أو فتح مدارس دامجة مقابل آلاف الدولارات. وفي حين كان المطلوب منه عدم احتضان دكاكين المدارس الخاصة، بات يعتلي منابرها. إفلاس الوزارة هو بسبب هؤلاء الفاسدين الذين بدلاً من أن يقيلهم، لوّح بالاستقالة.
الوزارة التي وصلت موازنتها إلى 210 ملايين دولار وسلفة خزينة بقيمة 150 مليوناً فشلت في تمويل صناديق المدارس
بنى الحلبي «مجده» على الوفر المالي من مشروع S2R2 المموّل من البنك الدولي، فسعى الى إسكات الأحزاب وتنفيعها بطرق ملتوية من خلال المشروع، وعندما توقف المشروع رفعت الأحزاب الغطاء عنه ولم يعد يعنيها أن تحوّل الدولة أموالاً من الخزينة العامة لمصلحة وزارة التربية. والمفارقة أن الأحزاب السياسية هي أول من تبرّأ من الحلبي، وعلى رأسها الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل. وفيما بادر الاشتراكي إلى إصدار بيانات ضد الوزير، سارع أحد نواب حركة أمل إلى التسريب للإعلام أنه بصدد لقاء رئيس الحكومة لإعفاء الطلاب من الرسوم.
الحلبي حصل العام الماضي على زيادة في موازنة الوزارة التي وصلت الى 210 ملايين دولار، إضافة إلى سلفة خزينة بقيمة 150 مليون دولار، ولم يتمكن من تحويل 20 مليون دولار بالحد الأدنى إلى صناديق المدارس الخاوية.
هذه المرة، توقيت التلويح بالاستقالة مشبوه، وخصوصاً أنه يترافق مع حملات إلكترونية تروّج بأن العام الدراسي الرسمي في خطر ما لم تؤمّن الحوافز للأساتذة، ما سيهزّ ثقة الأهالي بالمدارس والثانويات الرسمية مجدّداً، علماً أنها تشهد مع بدء الأعمال التحضيرية إقبالاً لا مثيل له.