بعد رفض مديرين كثيرين التجاوب مع وزارة التربية في مشروع جمع «الداتا» عن خريطة تمركز تلامذة المدارس الرسمية في مراكز الإيواء ومنازل الأقارب والأصدقاء، وجهت الوزارة، أمس، نداء إلى أهالي التلامذة تطلب منهم التواصل مع إدارة المدرسة الأساسية لولدهم، لتحديث معلومات التلميذ والإبلاغ عن مكان وجوده راهناً، تحت عنوان توفير الاحتياجات التعليمية من بطاقة انترنت مجانية، او إيجاد مركز تعليمي يتناسب ووضعهم الحالي.
وفيما يتداول الأساتذة والطلاب في صعوبة تطبيق هذا المشروع ويجدونه أقرب إلى «التنظير» و»الضبابية»، تواصلت «الأخبار» مع المكتب الإعلامي للوزارة للوقوف على الهدف من المشروع ومدى قدرة الأهل على التواصل مع مدرسة أولادهم في ظل النزوح والوضع الشائك للنازحين، فكان الجواب أن الوزارة تسعى إلى استنفاد كل الوسائل لعدم خسارة التلامذة في المدارس الرسمية والخاصة عامهم الدراسي رغم كل الصعوبات. وأشار المكتب إلى أن التواصل مع الإدارات ممكن، بما أن أكثرية الأهل موجودون في مجموعات على «واتساب» ولديهم تواصل مع المدير بشكل أو بآخر، لافتاً إلى أن الوصول إلى التلامذة النازحين في المدارس أسهل من المنازل بوجود الجمعيات التي تعمل فيها. وفيما لم ينف المكتب التحديات التي يمكن أن تواجه هذا العمل في ظل «الحرب الكبيرة»، قال إن الجهود ستتواصل لبلوغ أكبر عدد ممكن من المتعلمين، موضحاً أن وزارة التربية قد تستعير المدارس الخاصة ليلتحق بها التلامذة النازحون بعد الظهر، على أن يدرّسهم أساتذة التعليم الرسمي القاطنون بالقرب من مكان المدرسة.
لا يبدو أن هذا المشروع، بحسب مصادر الأساتذة، يندرج في خطة واضحة ومتكاملة وخصوصاً أنه طلب من الأساتذة الرسميين، في مذكرة ضبابية، أن يبدأوا دواماً إدارياً في 14 نشرين الأول الجاري، من دون معرفة بأي مدارس سيلتحقون وكيف سيسجلون الطلاب. وبما أن المطلوب مكان التلامذة النازحين بالتحديد، ثمة خشية من أن تصل الداتا، سواء عن طريق الخطأ أو بشكل مقصود إلى جهات مشبوهة، لا سيما وسط انكشاف الوضع الأمني ولكون المشروع ممولاً من الجهات المانحة وليس من الدولة اللبنانية، وما حصل في منطقة الوردانية من استهداف للنازحين خير دليل. اللافت أن مصادر الروابط تشير إلى أن هناك محاولات إيجابية من الوزارة لتحديث المعلومات عن التلامذة وانقاذ العام الدراسي، وإن كان تطبيق المشروع يختلف بين منطقة وأخرى لجهة سهولة الوصول إلى التلامذة والحاقهم بالمدارس، وقد بينت الروابط المعوقات التي قد تعترض ذلك، على حد تعبير المصادر.

المدارس الخاصة تلزم الأهل توقيع إبراء للمدرسة للسماح لأولادهم بالحضور إلى الصفوف


أما بالنسبة إلى الأهالي، فمن يضمن أن يصل هذا النداء إليهم جميعاً؟ وهل زار وزير التربية، عباس الحلبي، المدارس ومراكز الإيواء للوقوف على ظروف النازحين، وما إذا كانوا قادرين فعلاً، لا سيما على المستوى النفسي للتعلم، سواء حضورياً أو «اونلاين» باعتبار ان الجاهزية ليست «لابتوب» و»هاتفاً» فحسب؟ وهل هناك إمكانية فعلا للوصول إلى التلامذة؟ وكيف يمكن التمييز بين المناطق «الآمنة» و»غير الآمنة»؟ واذا فرضنا أن هناك مناطق آمنة، فهل المدارس الخاصة في هذه المناطق قادرة على استيعاب جميع التلامذة النازحين؟ وهل أخذت موافقتها أصلا؟ وإذا سلمنا جدلا أن الإحصاء نجح في بلوغ أهدافه من يتحمل تكاليف انتقال الطلاب إلى أقرب مدرسة التي قد تكون بعيدة عشرات الكيلومترات كما الهرمل ودير الأحمر مثلاً؟
وكما لم تسأل مجالس الأهل في المدارس الرسمية عن موقفها من كل هذا المشروع، كذلك الأمر في المدارس الخاصة، فلجان الأهل لم تُستشر بتفاصيل العودة إلى الصفوف سواء كانت حضورية أو «أونلاين» ولديها الكثير من الملاحظات على التعليم عن بعد الذي أثبت فشله.
وبعد الشكاوى التي تلقّاها اتحاد لجان الاهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة بخصوص الزام بعض المدارس توقيع إبراء للمدرسة ورفعاً للمسؤولية عنها للسماح لأولادهم بالحضور إلى صفوفهم، رأى الاتحاد أن التلميذ المسجل في المدرسة «له الحق بارتياد الصف الذي هو مسجل فيه إذا ما كانت المدرسة قد فتحت ابوابها للتعليم الحضوري من دون اي شرط آخر ومن دون ان يوقّع اولياء أمره على أي مستند من أي نوع كان، ومجرد الطلب من الاهالي او لجان الاهل التوقيع على اي مستند يحملهم بصورة مباشرة او غير مباشرة مسؤولية فتح المدرسة للتعليم الحضوري أو مسؤولية ارتياد أولادهم المدرسة هو تعسف غير مقبول ويستدعي تدخل وزارة التربية فوراً والجهات المختصة لوقف هذا التعسف وفرض العقوبات اللازمة على المديرين وأصحاب المدارس المتعسفين. وطلب الاتحاد تدخل وزير التربية والمدير العام للتربية ومصلحة التعليم الخاص كل ضمن اختصاصه لاتخاذ الإجراءات اللازمة والرادعة ومنع المدارس من إلزام الاهالي او لجان الاهل توقيع اي مستند كشرط لفتح المدرسة او لدخول اي تلميذ.«داتا» النازحين بلا خطة