بعد مرور حوالي خمسة أشهر على بدء العدوان على الجنوب، يستمر جيش الاحتلال بسفك الدماء بهدف تهجير من يصرّ على الصمود من أهالي بلدة الضهيرة. مساء أمس، كانت الجلسة الأخيرة للشهيد ربيع الياسين مع رفاقه على قارعة الطريق في الضهيرة. هناك اعتادوا التجمّع لتمضية الوقت بعد إنجاز أعمالهم الخاصة في الزراعة والرعي وتفقّد شؤون المسنّين الصامدين في الضهيرة والبستان ويارين والزلوطية. الياسين (25 عاماً) كان واحداً من فريق الإغاثة الذي يسارع بعد كل غارة لتفقّد البشر والحجر. استأذن أصدقاءه للذهاب إلى منزله لكي يحضر بعض الحاجات، وبحسب شهود عيان، ما إن دخل إلى المنزل حتى نفّذ الطيران الحربي غارة عليه. أحال الصاروخ المنزل المتواضع إلى ركام، بعدها هرع الشبان وفرق الإسعاف للبحث عن الياسين تحت الأنقاض، ولم يتمكنوا من العثور على جثمانه إلا بعد أكثر من 12 ساعة.
نُقل الجثمان إلى صور حيث كان في انتظاره أهالي الضهيرة النازحون. تحسّر الأهالي على الشاب الذي نشأ يتيم الأب قبل أن تتوفّى أمه وهو في العاشرة من عمره. وفي موكب حاشد، عاد العشرات بالياسين إلى جبانة الضهيرة الحدودية ليوارى الثرى.

صمود أهالي الضهيرة رغم الاعتداءات ليس جديداً. في عدوان 2006، بقي العشرات من أهلها فيها، ما دفع بأحد جنود العدو الإسرائيلي في موقع الجرداح، لأن يأمرهم بالمغادرة عبر مكبّر للصوت. اليوم يتكرر مشهد الصمود ويتزامن مع بدء المواسم الزراعية في البلدة التي تعتاش على الزراعة وتربية المواشي. مسؤول ملف النازحين في الضهيرة خلدون فنش، أشار إلى أن عدد النازحين «وصل إلى 1900 شخص خرجوا على مراحل. إنما بقي حوالي 80 شخصاً متواجدين بشكل دائم. لكن هؤلاء بدأوا بالمغادرة تدريجياً بعد الغارة التي استهدفت منزلاً مأهولاً في الضهيرة التحتا قبل أيام ثم الغارة التي قتلت الياسين».

أديبة فنش (67 عاماً) تحوّلت إلى أيقونة للصمود منذ بداية العدوان، بعد نشرها مقاطع مصوّرة تُظهر ممارستها لحياتها الطبيعية تحت القصف والغارات، وتقول: «عايشت كل الحروب والاعتداءات الإسرائيلية منذ عام 1978 ولم أفكر مرة في النزوح. فالبقاء في المنزل برغم المخاطر أفضل من الذل والتشرد». أُجبرت فنش على المغادرة، بعد استشهاد الياسين، وفي هذا السياق تضيف: «من الواضح أن إسرائيل جدية في ملاحقة كل من بقي في الضهيرة، وتريد تحويلها إلى أرض محروقة».