نجحت ضغوط تيار المستقبل على القضاء في إخلاء سبيل رئيسة دائرة الامتحانات الرسمية وأمينة سر لجنة المعادلات ما قبل التعليم الجامعي بالتكليف، أمل شعبان، التي استُقبلت في وزارة التربية على الفور بـ«عرس» أقامه موظّفو الوزارة، وبباقات الورود وتوزيع الحلويات، رغم أن قرار إخلاء السبيل لا يعني، بحسب مصادر قضائية، البراءة، وخصوصاً أن النيابة العامة المالية لا تزال مدّعية في ملف تلقّي رشى في معادلات شهادات الطلاب العراقيين، والتحقيقات لا تزال جارية، وهناك استنابات قضائية لفرع المعلومات، وشعبان لا تزال رهن الاستدعاء في أيّ لحظة ما دام الملف لم يختم، ولم يصدر القرار الظني أو قرار منع المحاكمة، وقد تطرأ ظروف جديدة تغيّر في مجرى التحقيقات.


«حفلة» في التربية بعد إخلاء سبيل شعبان (الأخبار)

وبعد 22 يوماً من التوقيف، صدّقت الهيئة الاتهامية في بيروت برئاسة القاضي ماهر شعيتو قرار قاضي التحقيق في بيروت القاضي أسعد بيرم، بإخلاء سبيل المدّعى عليها أمل شعبان لقاء كفالة مالية قدرها 100 مليون ليرة. وممّا جاء في قرار الهيئة الاتهامية: «... بالنظر إلى مدة التوقيف والتحقيقات المجراة وأقوال المدّعى عليهم، ولا سيما خلال المقابلات الحاصلة في معرض التحقيق الاستنطاقي بما لها من سلطة تقدير... تقرّر تصديق القرار المستأنف الذي انتهى إلى تخلية سبيل المدّعى عليها...».
وفيما كانت الأجواء تشير إلى أن شعيتو كان يتجه لفسخ قرار إخلاء سبيل شعبان، بما أنه لم تطرأ أيّ معطيات جديدة، ولم تتغيّر إفادات الموقوفين في الفترة الفاصلة بين القرارَين الأول والثاني لقاضي التحقيق بإخلاء السبيل، أدّت الضغوط السياسية المكثفة التي مارسها تيار المستقبل إلى اتخاذ القرار، وهو ما بدا واضحاً من احتفاء الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري بالقرار، مغرّداً بأنّ شعبان «خرجت مرفوعة الرأس بنزاهتها ونظافة كفها»، بعدما «أنصفها القانون بعدالته»، علماً أن الضغوط السياسية مورست على التحقيق منذ اللحظة الأولى لانطلاقته، ومع تدخّل من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وطلبه إقفال الملف من دون إشارة قضائية. وقد كان الأحرى بالقضاء في حينه أن يواجه هذه المخالفة الفاضحة لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية، بدل أن يرضخ للضابطة العدلية، وكان ذلك السبب الرئيسي للعبث بالأدلّة والمستندات وإيصال التحقيقات إلى ما وصلت إليه. وربما ينبغي تصحيح الخطأ بإعادة التحقيقات إلى الجهة التي تملك خبرة في مثل هذه الملفات، أي فرع المعلومات، لإجراء تحقيق جدّي وليس شكلياً كما حصل عند قاضي التحقيق، عندما استدعى نحو ثمانية موظفين في لجنة المعادلات ما قبل التعليم الجامعي ليسألهم سؤالاً واحداً: «هل ما زلتم على أقوالكم التي أدليتم بها سابقاً؟» في فرع المعلومات الذي قُطع عليه الطريق للوصول إلى نتائج جدية، فأجابوا جميعاً بالإيجاب. فكيف اقتنع قاضي التحقيق بهذه الإجابة لمشتبه فيهم لم يكتمل معهم التحقيق في الضابطة العدلية، واكتفى بإجراء مواجهة فقط بين الموظف في لجنة المعادلات، رودي باسيم، وأخيه أنطوني، مع شعبان، فيما أعطي المجال لممارسة الضغوط على متهمين آخرين. ولماذا التأخر أكثر من 15 يوماً لإصدار الاستنابات لفرع المعلومات؟ ألم يكن من واجب قاضي التحقيق أن يستكمل التحقيقات مع من كانوا مطلوبين بدلاً من إيقاف التحقيق معهم؟ وألا يعني التوسع في التحقيق أن يتأكد القاضي من صحة إجراء المعادلات بحسب الأصول وقانونيتها كي يكون ذلك دليلاً إضافياً على أخذ الرشى؟ ألا يدلّ عدم حضور رئيس لجنة المعادلات، المدير العام للتربية عماد الأشقر، الجلسات وعدم عرض الملفات على اللجنة لاتخاذ القرار المناسب على التلاعب؟ هل طُلبت الجداول من المدّعى عليها بالمعاملات التي نفّذت داخل المنصة وخارجها؟ وهل جرى التدقيق في دفاتر التسليم والتسلّم وتفريغ كاميرات المراقبة؟ وهل أجري تحقيق تقني في الوثائق والبرامج الإلكترونية في الوزارة؟
إخلاء السبيل لا يعني البراءة وشعبان لا تزال رهن الاستدعاء في أيّ لحظة ما دام الملفّ لم يختم


ومع أنه يحقّ لشعبان أن تعود إلى عملها بما أن وزير التربية عباس الحلبي لم يوقفها ولم يستبدلها بأحد ولم يصدر بحقها قرار ظني، لكن ما كان مستهجناً هو موافقة الحلبي على الاحتفال الصاخب واستقدام فرقة «زفّة» إلى داخل حرم الوزارة، فيما كان ينتظر منه، كما يحصل عادة في حالات مشابهة، أن يضع شعبان في التصرف وأن لا تعود إلى ممارسة مهامها الأساسية قبل صدور القرار الظني أو منع المحاكمة، كي لا يتم، على الأقل، العبث بالتحقيقات المستمرة. وعلمت «الأخبار» من مصادر إدارية أن الحلبي كان قد أعدّ مساء الثلاثاء قرارَين، أحدهما (سنّي) لرئاسة دائرة الامتحانات، والثاني (درزي) لأمانة سرّ لجنة المعادلات ما قبل التعليم الجامعي، لكنه عاد وتريّث في إصدار القرارات بسبب الخلاف على الاسم الدرزي.



تسجيل صوتي يدين مسرّبه
من مكان توقيفها، سرّبت رئيسة دائرة الامتحانات الرسمية وأمينة سرّ لجنة المعادلات ما قبل التعليم الجامعي بالتكليف، أمل شعبان، إلى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تسجيلاً صوتياً بصوت الزميلة فاتن الحاج تسأل فيه الأخيرة شعبان عن إمكان تقديم موعد تسليم المعادلات لطالبين عراقيين بداعي سفرهما، في محاولة للإيحاء بأنّ الزميلة الحاج تشنّ حملة على شعبان لأن الأخيرة لم تلبّ خدمة لها. في الواقع، يعود التسجيل إلى أشهر طويلة وهو لا يطلب خدمة استثنائية، بل يسأل عن إمكانية تقديم موعد لأسباب إنسانية، وخصوصاً أن الطلاب العراقيين عوملوا بدونيّة في الوزارة، وتعرّض بعضهم للاعتداء. ولو كانت لجنة المعادلات للتعليم ما قبل الجامعي تقوم بواجباتها وتنجز المعاملات وفق الأصول لما اضطرّ أحد إلى طلب مثل هذه الخدمات، علماً أن التسجيل لا يشير إلى دفع مبلغ مالي أو رشوة لقاء هذه الخدمة التي لم تلبَّ أصلاً، ولم يحصل الطالبان على معادلتهما حتى اليوم. إلا أن التسريب يطرح مسألتين مهمّتين: الأولى أنه سُرّب في الوقت الذي كان يفترض أن تكون شعبان موقوفة وهاتفها ليس في حوزتها، والثانية أنّ شعبان لم تردّ على التسجيل ولو حتى بالاعتذار عن عدم تقديم الخدمة، إلا إذا كان الردّ هو فقط على الخدمات المدفوعة!