دقيقة واحدة كانت كفيلة بإنزال آلاف المواطنين في منطقة المنية من منازلهم إلى الشارع، والتسبّب بأضرار كبيرة في المباني السكنية والمشاريع العمرانية، كاشفة عن هشاشة المواد المستعملة في الأبنية وعدم مراعاتها الشروط المطلوبة.عند الساعة الثالثة فجراً، استقلّ المواطنون سياراتهم ولجأوا إلى أماكن بعيدة عن أبنيتهم السكنية، باتجاه الأراضي الزراعية والطريق البحري، ولم يعودوا إلا قرابة الساعة السادسة. يصف محمد هذه التجربة بـ«المرعبة والمخيفة». هو يسكن في مشروع سكني في منطقة حمدون المنية «وعند أول هزّة حملت أولادي وزوجتي وركبت السيارة ولجأت إلى مكان بعيد عن المشروع، الذي يحتوي على قرابة 400 وحدة سكنية». الأضرار التي أصابت المشروع الذي يسكن فيه محمد كانت كبيرة، تصدّعات بالجدران وأعمدة المباني، بالإضافة إلى تشققات كبيرة داخل هيكل البناء، ما أدى إلى انهيار أجزاء من المبنى.
كشفت الهزّة عن هشاشة المشاريع السكنية التي اجتاحت منطقة المنية منذ عشر سنوات مضت، وتخطت الـ5 آلاف وحدة سكنية. أكثر من مجمع سكني تعرّض للأضرار وهو ما دفع بقائمقام المنية الضنية داليا بدور بالإيعاز إلى فرق الأعمال الهندسية للكشف على المباني المتصدّعة، ومن المفترض أن تتحرّك اليوم للكشف على كلّ المباني السكنية، التي شهدت تصدّعات وتشققات، وذلك بناء على مذكرة صادرة عن وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي. وعلمت «الأخبار» أن عدداً من المهندسين تطوّعوا للكشف على المباني المتصدّعة وطلبوا من الأهالي إخلاءها، كما عمدوا إلى إخلاء أربعة مشاريع سكنية في منطقة المنية وبحنين. في المقابل، عبّر عدد من أصحاب المشاريع السكنية في المنية عن امتعاضهم من الإجراءات الميدانية التي اتخذها المهندسون المختصون، ومعهم الفرق الفنية في بلدية المنية، معتبرين أن المباني وبالرغم مما تعانيه من تصدعات ليست بحاجة إلى الإخلاء.
وإلى سلامة الابنية، طُرحت التساؤلات عن الإجراءات الوقائية الموجودة لدى بلدية المنية، أو وحدات الدفاع المدني للاستجابة إلى نداءات الإغاثة في حال وقوع زلزال، وعن وجود وحدة لإدارة الكوارث في اتحاد بلديات المنية. وقد أكدّ مصدر في بلدية المنية لـ«الأخبار» أن إمكانيات البلديات «معدومة وهي غير قادرة على الاستجابة لأية نداءات في حال حصول كوارث»، مشيراً إلى أنّ آليات البلدية قديمة وأدّى ارتفاع سعر الدولار إلى الحدّ من تطويرها، ومن حركتها أيضاً بفعل ارتفاع أسعار المحروقات التي باتت تعطل البلدية من القيام حتى بالأعمال اللوجستية البسيطة من جمع للنفايات وبقية الأعمال، فكيف في حالة حدوث الكارثة؟