قلّما حظي شارع بالاهتمام الذي يحظى به شارع الحمرا في بيروت. السحر الذي يرافق الحديث عنه لا يختلف بين جيل وآخر: سواء من عرفوه في عزّه، مطلع الستينيات، ومن شهدوا على تحوّلاته مع نهاية الحرب الأهلية، ومن يبنون اليوم علاقة جديدة معه. لكلّ منهم قصته التي تختلف عن الأخرى، إلا أنّ الأساسي فيها أنّ لهذا الشارع سحراً يمنحه لروّاده مهما كانت حكايتهم معه. أن تحكي مع مثقف جلس في «الهورس شو» - أوّل مقاهي الرصيف في الحمرا - يوماً، أو مع شاب اعتاد السهر على درج «الدومتكس»، أو مع طلاب يتنقلون بين ملهى وآخر، يشربون الكحول كما لو كانوا «يرتشفون» القهوة. جميعهم يتعاملون مع وجودهم في الحمرا، والأحياء المتفرّعة منه، بنوع من الفخر. إنهم امتداد لهذا التاريخ الذي صنع هوية الشارع وسمعته الجميلة. إلا أنّ الأخبار الواردة من المكان عن شبكات تسوّل ودعارة تدار بشكل منظّم، باتت تهدّد هذه الهوية وتلك السمعة وتخيف أبناء الشارع. هؤلاء يتحفّظون بداية عن الحديث كي لا يثيروا مخاوف الروّاد، ثم يقتنعون بأهمية إثارة الموضوع لمحو الخدوش عن وجه جميلتهم «الحمرا»، مطالبين القوى الأمنية بأن تقوم بعملها